الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ }

{ لاَ تَمُدَّنَّ } يا محمد { عَيْنَيْكَ } مد رغبة واشتهاء أو مطلقاً لئلا يوصلك إِلى ذلك { إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً } أصنافاً { مِّنْهُمْ } من الكفار فإِن السبع المثانى والقرآن العظيم نعمة عظيمة يستحقر دونها ما متعناهم به فإِنهن كمال مطلوب بالذات مفض إِلى النعيم الدائم فاستغن بهن، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ " ليس منا من لم يتغن بالقرآن " قال ابن عيينة والزمخشرى أى من لم يستغن به، روى الطبرانى عن أبى بكر رضى الله عنه من أوتى القرآن فرأى أحداً أعطى أفضل مما أعطى فقد عظم صغيراً وصغر عظيماً، وفى رواية فقد صغر عظيما وعظم صغيراً، قال الطبرى عن سفيان عيينة أن هذه آمرة بالاستغناء بكتاب الله عن جميع زينة الدنيا وكان ـ صلى الله عليه وسلم لا يتعمد النظر إِلى شىء من زهرة الدنيا ولا يستحسنها، وروى أبو سعيد الخدرى عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال فى خطبة " لا والله ما أخشى عليكم أيها الناس إِلا ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا بعدى أى زينتها. قيل يا رسول الله ما زهرتها. قال بركات الأَرض ومن أنعم الله عليه بنعمة الدين فالتفت إِلى حطام الدنيا فقد تهاون بالدين الذى هو كرامة يكرم بها الأَنبياء والأَصفياء والصديقون الذين هم أعز خلق الله واستبدله بما يلطخ به الكفرة والفسقة والجبابرة الذين هم أهون خلق الله إِليه " قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأبى هريرة " لا تغبطن فاجراً بنعمته فإِنك لا تدرى ما هو لاق بعد موته " ، وقال " إِذا نظر أحدكم إِلى من فضل عليه بالمال والخلق فلينظر إِلى من هو أسفل منه " ، وقال " انظروا إِلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إِلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة لله عليكم " ، وقال " من نظر إِلى من فوقه فى الدين ومن دونه فى الدنيا فاقتدى بهما كتبه الله صابراً شاكراً، ومن لم يفعل لم يكتب صابراً ولا شاكراً " ، وزعم بعض أن الآية منسوخة بآية السيف. { وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ } علا للتعليل أى لا تحزن لأَجلهم حيث تمتعوا بما فاتك وأصحابك التمتع به، قال عوف بن عبد الله كنت أصحب الأغنياء فما كان أحدهما أكثر هما منى أرى دابة خيراً من دابتى، وثوباً خيراً من ثوبى، ولما سمعت قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " انظروا إِلى من هو أسفل منكم " ، الحديث صحبت الفقراء فاسترحت، وقيل لا تحزن عليهم إِن لم يؤمنوا والهاء للمشركين وزعم بعض أن ولا تمدن الخ عليهم منسوخ بآية السيف، { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ } أى جانبك وخفضه كناية عن تليينه والتواضع والرفق، { لِلْمُؤْمِنِينَ } تسكيناً لهم وتطييباً لأَنفسهم على فقرهم واكتف بهم وطب نفساً عن إِيمان الأَغنياء والأَقوياء.