الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }

{ وَإِذْ } عطف على إِذ الثانية أو على نعمة وهو من كلام موسى من نفسه أو بالإِيحاء إِليه { تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ } أعلم علماً بليغا والمبالغة تفيدها زيادة تاء والتشديد ووزنه تفعل كتقدس من أذن بمعنى أعلم والجملة بعده مع القسم المقدر قبلها مفعول له لأَن فيه معنى القول لأَن الإِعلام بالوحى والوحى كلام كما يدل له تفسير بعضهم إِياه بالقول وقراءة ابن مسعود وإِذ قال ربكم، أو مقول لقول محذوف أى وإِذ تأَذن ربكم قائلا أو فقال { لَئِن شَكَرْتُمْ } يا بنى إِسرائيل ما أنعم به عليكم من الإِنجاء وغيره بالإِيمان والعمل الصالح { لأَزِيدَنَّكُمْ } من النعم الدنيوية أو منها ومن الأخروية. وقال بعض العلماء الزيادة على الشكر ليست فى الدنيا وإِنما هى من نعم الآخرة والدنيا أهون من ذلك، قلت هو ضعيف بل هو سبب لنعم الدنيا كما هو سبب لنعم الآخرة قبل شكر الموجود صيد المفقود وعن الحسن لأَزيدنكم من طاعتى وكذا عن سفيان وضعفه الطبرى قال عياض بل هو قوى حسن قيل إِنه وجه تضعيفه أنه خصص والأَصل التعميم قلت بل وجهه أن الأَصل فى الجزاء أن يكون من غير جنسه المجازى إِليه وإِنه ليس كل أحد يصل درجة اعتقادات زيادة الطاعة أعظم جزاء وحقيقته الاعتراف بالنعم مع تعظيم المنعم واستعمال الجوارح والقلب فى الطاعة المخلوق لأَجلها، ويتوصل إِليه بالاشتغال بتعديدها ولو كان لا طاقة على استقصائها وأعلى من هذه الدرجة الاشتغال بحب المنعم عن الالتفات إلى النعم وأصله تصور النعمة وإِظهارها. وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضى الله عنه قال قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " من أعطى الشكر لم يحرم الزيادة لأَن الله تعالى قال لئن شكرتم لأَزيدنكم " { وَلَئِن كَفَرْتُم } جحدتم النعمة بالكفر والمعصية وجواب القسم محذوف تقديره لأعذبنكم عذاباً شديداً وكنى عنه بقوله { إِنَّ عَذَابِى } فى الآخرة أو فى الدارين { لَشَدِيدٌ } للكافر ومن عادة أكرم الأَكرمين أن يصرح بالوعد كما قال لأزيدنكم ويكنى عن الوعيد كما رأيت.