الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ }

{ وَأَنذِرِ النَّاسَ } يا محمد { يَوْمَ يَأْتِيهِمُ العَذَابُ } يوم القيامة أو يوم الموت وهو مفعول ثان لأنذر لا ظرفه لأَن يوم القيامة أو يوم الموت أعنى وقت احتضاره ليس وقتاً للإِنذار ولا يخفى ما فى الأَمر بالإِنذار بذلك اليوم من التهويل. قال الغزالى فى الإِحياء إِن أعلم العلماء وأعرف الحكماء ينكشف له عقبى الموت من العجائب والآيات ما لم يخطر قط بباله ولا اختلج به ضميره فلو لم يكن للعاقل هم ولا غم إلا التفكر فى خطر تلك الأَحوال وما ينكشف عنه الغطاء من شقاوة لازمة أو سعادة دائمة لكان ذلك كافياً فى استغراق جميع العمر والعجب من غفلتنا وهذه العظائم بين أيدينا. { فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا } بالشِّرك والمعاصى { رَبَّنَا أَخِّرْنَا } أى أخر عذابنا أى العذاب الذى استوجبناه { إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ } بأَن تردنا إِلى الدنيا وتمهلنا فيها زماناً قليلا وأخر آجالنا بمدة قليلة مقدار ما نؤمن ونجيب دعوتك. { نُّجِبْ دَعْوَتَكَ } أى دعاءك إِيانا إِلى التوحيد والعمل الصالح. { وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ } فيهما بأَن نوحد كما وحدوا ونعمل كما عملوا أو نتبع دعاءهم إِيانا إِليهما فيقال لهم. { أَوَ لَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ } أى حين كنتم فى الدنيا. { مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ } جواب أقسمتم جاء بلفظ الخطاب على مطابقة أقسمتم ولو حكى كما قالوا حين أقسموا لقبل أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لنا من زوال لأَنهم كانوا فى الدنيا يقولون والله ما لنا من زوال عن حال الموت إِذا متنا إِلى حال البعث كما قال جل جلاله وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت أو يقولون بطرا وغروراً وسفها والله ما لنا من زوال عن الدنيا بالموت أنكروا الموت عناداً مع علمهم بأَنه لا بد منهُ أو يقولون بلسان حالهم والله لا نموت حيث أملوا بعيدا أو بنوا مشيداً وفعلوا فعالا كأَنهم لا يجازون عليها.