الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } * { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ ءَامِناً وَٱجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ ٱلأَصْنَامَ }

{ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ } أى شيئا ثابتاً من كل ما طلبتموه منى فإِن الموجود من كل صنف بعض ما فى قدرة الله، ويجوز أن يكون المراد به سألتموه ما من شأْنه أن تطلبوه ولو لم تطلبوه وهذا عندى أولى لأَنه تعالى بدأ بالنعم قبل أن يسأَل، وقيل هناك حذف أى من كل ما سأَلتموه وما لم تسأَلوه، وما اسم موصول أو نكرة موصوفة وهكذا فى غالب المواضع ولو اقتصرت فيها على ذكر الموصولة، وإِما أن تكون هنا مصدرية، والمصدر بمعنى اسم مفعول فلا حاجة إِن جعل ما اسماً موصولا أو نكرة موصوفة يغنى عنه مع سلامة من تأْويل المصدر باسم مفعول، وقرأ ابن عباس وغيره من كل بالتنوين وهو رواية عن نافع غير مشهورة، وعليه فما اسم موصول أو نكرة موصوفة مفعول لأتى أو حرف نفى والجملة حال من كاف آتاكم أى آتاكم شيئاً من كل صنف وأنتم لم تسألوه أى غير سائليه أو نعت لكل أو المضاف إِليه المقدر أو للمفعول المقدر، { وَإِن تَعُدُّوا } أى وإِن أردتم حصرها والاطلاع على عددها { نِعْمَةَ اللهِ } بمعنى الإِنعام على المعنى المصدرى والإِشكال أو بمعنى الشىء المنعم به فهو بمعنى الجمع، فإِنه قيل كأَنه وإِن تعدوا نعم الله فالإِضافة للاستغراق { لاَ تُحْصُوهَا } لا تبلغوا لها آخر أو لا عدد فى الأَنواع فضلا عن الأفراد فإِن نعمه تعالى لا تتناهى، قال طلق بن حبيب إِن حق الله أثقل من أن يقوم به العباد ونعمه أكثر من أن يحصيها العباد ولكن أصبحوا تائبين وأمسوا تائبين، وفى كتاب أظنه لابن عطاء الله أو لعبد الحق فى الوعظ والأَدب والنصح مسجعاً ما نصه أيها الحريص على نيل عاجل حظه ومراده، الغافل عن الاستعداد لميعاده تنبه لعظمته من جودك وبقائك بإِرفاده ودوامك بإِمداده أنت طفل فى حجر لطفه ومهد عطفه وحضانة حفظه، يغذيك بلبن بره ويقلبك بأيدى أياديه وفضله وأنت غافل عن تعظيم أمره جاهل بما أولاك من لطف سره وفضلك به على كثير من خلقه، اذكر عهد الإِيجاد ودوام الإِمداد والإِرفاد وحالتى الإِصدار والإِيراد وفاتحة المبدأ أو خاتمة المعاد، { إِنَّ الإِنسَانَ } الـ للجنس أى كل إِنسان ولو بلغ ما بلغ فى العبادة، { لَظَلُومٌ } شديد الظلم للنعمة بإغفال شكرها لقوتها وكثرتها أو شديد الظلم لنفسهِ بتعرضه للحرمان وذلك على عمومه إِذ لا يقوم أحد بحق الله ولا شىء يعتمد عليه السعداء المجتهدون سوى فضل الله ومسامحته أنبياءَه أو غيرهم { كَفَّارٌ } شديد الكفران بالنعمة أى بعيد عن شكرها على التمام ولا يطلق فى حق المتولى أنه ظلوم كفار إلا بهذا البيان وذكره وقيل الـ فى الإِنسان للجنس الصادق بأَصحاب الكبائر فقط وقيل ظلوم فى الشدة يشكو ويجزع، كفار فى النعمة ويجمع وقيل الظلوم الشاكر لغير من أنعم عليه فيضع الشكر فى غير موضعه والكفار الجحود لنعم الله.

السابقالتالي
2 3