الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ }

{ قُل لِّعِبَادِىَ } وأسكن الباء حمزة والكسائى وابن عامر قيل العباد عرف فى التكرمة دون العبيد، { الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاَةَ } خص المؤمنين بالذكر لأَنهم المقيمون بحق الله وحقوق العباد وأضافهم لنفسه رفعاً لشأْنهم وتشريفاً ويقيموا مجزوم فى جواب الأَمر الذى هو قل محذوف وها هنا وكذا ينفقون بواسطة العطف وهما دليلان على المحذوفين والمحذوفان مفعولان لقل بواسطة العطف فى المحذوف الثانى أى قل لعبادى الذين آمنوا أقيموا الصلاة وأنفقوا يقيموا الصلاة، { وَيُنفِقٌوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } وفى الجزم فى جواب قل إِيذان بأَن إِقامتهم وإِنفاقهم مترتب بسرعة على مجرد قوله لهم أقيموا وأنفقوا لفرط مطاوعتهم لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجازم ما جزم فى جواب الطلب أداة شرط مقدرة بعد الطلب عند الجمهور أى قل لهم أقيموا الصلاة وأنفقوا إن قلت لهم ذلك يقيموا الصلاة وينفقوا واعترض عليهم ابن مالك فى الآية بأَنه يستلزم أن لا يتخلف أحد من المقول له ذلك عن الامتثال ولكن التخلف واقع قلت هذا مبنى على أن المراد بالذين آمنوا مطلق الموحدين وليس متعيناً لجواز أن يراد بهم الموحدون الذين يوفون بما أُمروا وقد أجاب ابنه بأَن المراد المخلصون وكل مخلص، قال له الرسول أقم الصلاة وأنفق، أقام وأنفق وهو قريب بما ذكرت ويدل لذا كما ذكرنا من أنه أضافهم لنفسه رفعاً وتشريفاً ولا رفع ولا تشريف لمن لم يخلص ومن أنه خصهم بالذكر لأَنهم المقيمون وما ذكروا أن الشىء إِذا أطلق انصرف لفرده الأَكمل بحسب المتبادر ويستفاد خطاب غيره من دليل آخر لهذا المقام وأجاب ابنه أيضاً باحتمال أن الحكم على المجموع لا على كل فرد فرد، وباحتمال أن الأَصل يقيم أكثرهم وينفق أكثرهم فحذف المضاف وناب عنه المضاف إِليه فارتفع واتصل بالفعل، وأجيب أيضاً بأَن الاستلزام الذى ذكره ابن مالك مبنى على أن التلازم بين الشرط والجزاء عقلى، وهو ممنوع بل يكفى مجرد توقف الجزاء عليه وإن توقف على شىء آخر كالتوفيق هنا، وكما يقال إِن توضأت صحت صلاتك، بل للشرط مدخلية فى الجزاء بالعلية فقط ولا يلزم أن يكون علة تامة للجزاء، قاله ابن الحاجب والسعد واعترضه السيد بأن الموجود فى الكتب المعتبرة فى الأُصول أن الكلمة إن غلبت فى السببية تدل على ترتب الثانى على الأول ووقوعه إثره قطعاً كما يتبادر أن الضرب الثانى مترتب على الأَول فى قولك إِن ضربتنى ضربتك وأما قل لعبادى الذين آمنوا يقيموا الصلاة ففيه إِشارة إِلى أن الذى ينبغى لكل من آمن أن يبادر بالإِقامة والإِنفاق إِثر قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " وكذا إن توضأت صحت صلاتك "

السابقالتالي
2 3