الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ }

{ وَاسْتَفْتَحُوا } أى الكفار بمعنى طلبوا الفتاحة بالضم وهو الحكومة ظنوا أنهم على الحق وأن الرسل على الباطل فقالوا اللهم أهلك المبطل مما كذا ظهر لى فى مرجع الضمير، ثم رأيت عن ابن عباس أن الأُمم قالوا اللهم إِن كان هؤلاء صادقين فعذبنا وإِن كانوا كاذبين فعذبهم وكذا قال ابن يزيد، وذلك كقول قريش اللهم إِن كان هذا هو الحق من عندك الخ فآتنا بما تعدنا الخ. فأَسقط علينا كسفاً وعجل لنا قطنا، وقول أبى جهل يوم بدر اللهم اقطع عنا الرحم وآتنا بما لا نعرف فاحنه الغداة قال الكلبى لما دعا عليهم قال قومهم اللهم إِن كانوا صادقين فأَهلكنا أو كاذبين فأَهلكهم { وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } أى وخابوا يعنى هؤلاء الكفار المستفتحون وعبر عنهم بالظاهر فى موضع المضمر تشنيعاً عليهم باسم جبار عنيداً وإِيذاناً بأَن موجب خيلتهم كونهم جبارين معاندين وإِن الخيبة جزء من اتصف بالجبارية والعنيدية والخيبة عدم فوزهم بما ظنوا من بطلان الرسل وهلاكهم وخسارتهم إِذ كانوا هم الخاسرين الهالكين لبطلانهم دون الرسل وهنا حذف ففتح لهم وخاب كل جبار عنيد وأفلح الرسل والمؤمنون والجبار العاتى المتكبر عن طاعة الله وقيل الذى يجبر نقصه بادعاء منزلة عالية لا يستحقها وهذا فى الإِنسان وهو صفة ذم فيه وقيل من لا يرى فوقه أحداً وقيل المتعظم فى نفسه المتكبر عن أقرانه والمعاند من ينكر الحق ولا ينقاد له ويعرض عنه وقيل المعجب بما عنده وقيل المتكبر وقيل الضمير فى استفتحوا عائد إلى الرسل أى طلبوا من الله أن يفتح لهم على أعدائهم من الفتح ويحكم بينهم وبين أعدائهم من الفتاحة وهى الحكومة كما مر وذلك أنهم لما أيسوا من إِيمان أُممهم دعوا عليها بالعذاب والهلاك وذلك قول مجاهد وقتادة وقيل الضمير للرسل وأممهم لأَن الرسل استفتحوا على الأمم والأمم استفتحوا على الرسل وقوله استفتحوا معطوف على أوحى، وقرأ ابن عباس ومجاهد وابن محيصن واستفتحوا بكسر التاء الأَخيرة على الأَمر فيكون معطوفا على لنهلكن والقسم المقدر وذلك بإِرادة اللفظ كأَنه قيل قال لهم ربهم لنهلكن الخ وقال لهم استفتحوا بكسر التاء واستفتحوا بفتحها ففتح وخاب كل جبار عنيد.