الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ ٱلْمَثُلاَتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

{ ويسْتعجلونكَ بالسِّيئةِ } أى بالفعلة السيئة المضرة { قَبْلَ الحسَنة } أى قبل الفعلة الحسنة النافعة، أى يكتفون بالسيئة عن الحسنة فى الطلب، وذلك أنه استجعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هددهم به من عذاب الدنيا والآخرة عموما وخصوصا، كقولهمربنا عجل لنا قِطَّنا قبل يوم الحساب } وقولهماللهم إن كان هذا هو الحق عندك فأمطرعلينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم } وقولهمفأسقط علينا كسفا من السماء } { وقَدْ خَلت } مضت { من قبلهم } فى الأمم السالفة المكذبة { المثلاثُ } جمع مثله بفتح فضم، وهى العقوبة، سميت بذلك لأنها مثل السيئة المعاقب عليها، ومنه سمى القصاص مثلا، وأمثلة الرجل من صاحبه إذا قصصته منه، قال الله تعالىوجزاء سيئة سيئة مثلها } وقرأ مجاهد بفتح الميم والتاء جمع مثلة بفتحها أيضا، وقرئ بضمهما اتباعا للفاء العين، وقرئ بضم الميم وإسكان التاء تخفيفا من ضمهما بعد الاتباع او بالنقل شذوذا وقرئ بضم الميم وفتح التاء جمع مثل بضم ففتح، الذى هو جمع مثلة بضم فإسكان، أو جمع مثلة بضم فإسكان علىغير قياس، وقرئ بفتح الميم وإسكان التاء تخفيفا عن الضم فى القراءة المشهورة، والمعنى لم كانوا مستعجلين العذاب ولم يخافوا أن ينزل عليهم مع أنه قد نزل على المكذبين قبلهم. { وإنَّ ربك لذو مغْفرةٍ للناس } مسامحة { على ظُلمهم } أى مع ظلمهم لأنفسهم وغيرها، أو لأنفسهم بعد التوبة كما تدل عليه الآية الأخرى، ولا يقال إن التائب لا يصدق عليه أنه على ظلم، لأنا نقول معنى كونه على ظلم أنه صادر منه، ولأنه ولو تاب لكن ليست توبته بمخرجة له عن عقاب الظلم ووباله، حتى تقبل وقبولها هو الغفران، فالغفران وارد على ما لم يخرج عنه، لأن مجرد توبته ليست خروجا عنه ما لم تقبل، فلا دليل فى الآية على جواز مغفرة الكبيرة بلا توبة. ومن باب ما ذكرته قول ابن عباس إن المعنى إن ربك لذو تجاوز عن المشركين إذا آمنوا، ولا دليل أيضا فى الآية على ذلك الاحتمال، أن يكون المراد بالمغفرة الإمهال والستر كقولهولو يعجل الله للناس الشر } الآية، وقولهلو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب } وقولهما ترك على ظهرها من دابة } والاحتمال أن يكون المراد مغفرة الصغار فإنها تغفر ولو بلا توبة من فاعلها المجتنب للكبائر والاصرار. وإن قلت كيف تسمى الصغيرة ظلما؟ قلت ليست شيئا من الذنوب غير ظلم للنفس صغيرا أو كبيرا فى الحقيقة، ولا غير ظلم لحق الله، أى قدح فيه، ونقص منه، وتهاون به، وإنما يفرق بين الذنب الصغير والكبير فى كتب الفقه لابتناء أحكام على أحدهما لا تبتنى على الآخر. وزعم الضحاك أن الظلم الشرك، وأن ذلك منسوخ بقوله عز وجلّ

السابقالتالي
2