الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ }

{ الذِينَ آمنُوا وعَملُوا الصَّالحات } الذين بدل كل من القلوب على حذف مضاف، أى قلوب الذين آمنوا، أو مبتدأ خبره جملة قوله { طُوبَى لهم } على أن طوبى مبتدأ، ولهم خبره، سواء جعلنا طوبى اسم ذات كالشجرة المخصوصة فى الجنة، أو اسم معنى، أى لهم الطيب، أو طوبى مفعول مطلق نائب عن عامله، فتكون اللام لتبيين الفاعل، والأصل طابوا طيبا حذف العامل وهو طاب، وجئ بطوبى بدل طيبا، وجر الضمير العائد إلى ما عاد إليه الواو باللام وهو الهاء النائبة عن الواو وهذه الجملة، أو ما ناب عنها من قوله { طوبى لهم } خبر الذين، ولام التبيين متعلقة بمحذوف خبر لمحذوف، أى ارادتى ثابتة لهم، وطوبى مصدر سمعت به الذات الطيبة كالشجرة المذكورة، أو الجنة، أو مصدر باق كبشرى وزلفى ورجعى وألفه للتأنيث وواوه عن ياء، لأنه من طاب يطيب طيبا قلبت واوا لانضمام ما قبلها، وقرأ مكوزة الأعرابى طيبى لهم بكسر الطاء لتسلم الياء كما قيل جمع أبيض أو بيضاء بيض، والأصل بوض كأحمر حمر. وقد اختلفوا فى معنى طوبى أخرج أحمد، وابن حبان، عن ابى سعيد الخدرى، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " طوبى شجرة فى الجنة مسيرة مائة عام " وفى رواية عن ابى سعيد " يسير الراكب فى ظلها مائة سنة " وفى رواية اقرءوا إن شئتم { وظل ممدود }. وروى سهيل بن سعيد يسير الراكب فى ظلها مائة سنة ولا يقطعها، وفى رواية يسير الراكب المجدُّ فى ظلها مائة سنة، ولا يقطعها، ذكر أبو نعيم الأصبهانى بسنده، عن أبى سعيد، " أن رجلا قال يا رسول الله طوبى لمن رآك وآمن بك. قال " طوبى لمن رآنى وآمن بى، ثم طوبى ثم طوبى ثم طوبى لمن آمن بى ولم يرنى " فقال رجل ما طوبى يا رسول الله؟ قال " شجرة فى الجنة مسيرة مائة سنة، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها " وفى رواية، عن بعض الصحابة " أنها شجرة غرسها الله بيده " أبى بقدرته ونفخ فيها من روحه، تنبت الحلى والحلل، وأن أغصانها لترى من وراء سور الجنة. وعن أبى هريرة طوبى شجرة يسير الراكب فى ظلها مائة سنة، اقرءءوا إن شتئم { وظل ممدود } يقال لها تفتقى لعبدى عما يشاء فتتفتق له بفرس مسروجة بلجامها وهيئاتها كما يشاء وتتفتق له عن الراحلة برحلها وزمامها وهيئاتها كما يشاء. وعن الثياب، عن كعب الأحبار والذى أنزل التوراة على موسى، والفرقان على محمد، لو أن رجلا ركب حقة أو جذعة، ثم دار بأصلها ما انتهى حتى يسقط هرما، إن الله غرسها بيده، ونفخ فيها من روحه، أى من الروح التى هى خلق له وملك، وما فى الجنة نهر من ماء أو لبن أو عسل أو خمر، إلا وهو يخرج من أصلها وأغصانها من وراء الجنة.

السابقالتالي
2