الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَٱلْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ وَهُمْ يُجَٰدِلُونَ فِي ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ }

{ ويُسبِّح الرعدُ } ينزه ذلك الصوت الذى تسمعونه الله عما لا يليق به { بحَمْده } أى يفعل التسبيح بالحمد، فإنه إذا قال الحمد لله فقد أثنى على الله بصفات الكمال وهى منافية لما لا يليق، فالباء على أصله، والتسبيح بالحمد، كما تقول عظمته بكلام كذا، والباء متعلق بسبح، ولا يعد فى تسبيح ذلك الصوتوإن من شئ إلاّ يسبح بحمده } ولا يقال إن الصوت عرض، والعرض غير فاعل، لأنا لا نسلم أنه عرض بدليل أنه يهد الأشياء، ويصدع الحائط ونحوه. ويجوز أن يراد ويسبح الماء بالحمد عند تضاربه بذلك الصوت، فأسند التسبيح المرعد الذى هو ذلك الصوت مبالغة، كما تقول جد جده، ويجوز أن يكون معنى تسبيح الرعد أو الماء بالحمد دلالته على كمال صفات الله جل جلاله من وحدانية وقدرة وفضل، ونزول رحمة. ويجوز أن يكون المسبح سامعو الرعد، وحذف المضاف، وقيل الرعد ملك موكل بالسحاب. قال ابن عباس " سأل اليهودى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرعد فقال " ملك موكل بالسحاب معه مخاريق من نار " أى آلات منها، وفى رواية " سوط من نار يسوق بها السحاب " أى كما يسوق الإبل حاديها قالوا فما هذا الصوت؟ قال " زجره السحاب حيث شاء الله " وقيل ذلك تضارب الماء. وعن الكلبى الرعد ملك وتسبيحه ذلك الصوت المسموع، ويجمع به السحاب ويسوقه حيث أمر، وقيل ذلك الصوت كلامه للسحاب يزجره به، وعلى هذا فإفراده بالذكر عن سائر الملائكة بعده تشريف له. وعن الحسن الرعد خلق من خلق الله، ليس بملك، روى أن ملك الروم كتب إلى معاوية يسأله عن الرعد والبرق والمجرة، وهى ما يُرى فى الليل سطرا فى السماء أبيض، كأنه نجوم صغار، وعن القوس، وبذر كل شئ، ومن لا أب له، ومن لا قوم له، وعن مكان طلعت فيه الشمس مرة واحدة، ما سار مرة واحدة، فكتب بها إلى ابن عباس. فقال ابن عباس أما الرعد فهو ملك موكل بالسحاب يؤلف بعضه إلى بعض، وأما البرق فهو مخاريق بأيدى الملائكة، وأما المجرة فهى باب من أبواب السماء وأما القوس فجعله الله أمانا لأهل الأرض من الغرق، وأما بذر كل شئ هو الماء، وأما من لا أب له فهو عيسى بن مريم، وأما من لا قوم له فهو آدم عليه السلام، وأما مكان طلعت فيه الشمس مرة واحدة ثم لم تطلع فيه فهو البحر، إذ صار طريقا لبنى إسرائيل، وأما ما سر مرة فهو الطور إذ رفعه الله فوق بنى إسرائيل، فأرسل بها معاوية إلى ملك الروم، فأرسل إليه إنك لست بصاحب هذه المسائل، إن صاحبها نبى من الأنبياء، أو وصى نبى أو من أهل بيت نبى.

السابقالتالي
2 3 4 5 6