الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ }

{ قالَ } يوسف { هَل علمتُم ما فعَلْتم بيُوسفَ } من إلقاء فى جب وبيع وضرب { وأخيهِ } بنيامين من إفراده عن يوسف وإذلاله حتى لا يستطيع أن يكلمهم، وإيذائهم إياه كيوسف، وقولهم ما رأينا منكم يا بنى راحيل خيرا إلا بذل ذكرهم ذلك ليجرهم إلى التوبة التى هى لله حق، تقديما لحقه على حق نفسه، فمراده هل علمتم قبح فعلكم بهما عند الله جل وعلا فتتوبوا عنه، أو فتبتم عنه. { إذْ أنتم جاهِلُون } متعلق بفعلتم، أى ما فعلتم بهما وقت جهلكم قبحه، وسماهم جاهلين ولو كانوا عالمين، لأنهم لم يعلموا بما علموا، وقيل إذا أنتم صغار فى حد السفه والطيش لم تبلغوا، أو إن الرزانة وهذا منه قيل يجرى مجرى العذر، وقيل جاهلون بما يئول إليه أمر يوسف. وروى أنه ما قال لهم { هل علمتم } الخ حتى أزال القناع عن وجهه، وقيل أزاله بعد، وقال الكلبى سبب قول هذا المفضى إلى تعريف نفسه لهم كتاب أبيه، الذى كتبه إليه بعد حبس بنيامين ووجهه معهم. وقيل سبب قوله ذلك أنه ذكر لهم ما فعلوا مع مالك بن ذعر، وقال لهم إن مالك بن ذعر قال وجدت غلاما فى بئر من حاله كذا فاشتريته، فاعترفوا أنهم هو الذى بايعوه، وقيل إنه قرأ عليهم ما كتبوه لمالك بن ذعر، وكان فى آخره إن الكاتب يهودا فاعترفوا بذلك فغضب وأمر بقتلهم، فذهبوا بهم ليقتلوهم فولى يهودا وهو يقول كان يعقوب يبكى ويحزن لفقد واحد حتى كف بصره، فكيف إذا أتاه قتل بنيه كلهم، ثم قالوا له إن فعلت ذلك فابعث بأمتعتنا إلى أبينا فإنه بمكان كذا وروى أنه رمى إليهم كتاب مالك بن ذعر فأفحموا، وأخذ الصواع فنقره فقال إنه يخبرنى أنكم رميتم أخاكم فى الجب، وأهرقتم الماء من صطيحته، وضربتموه ثم نقره فقال يقول أردتم قتله فمنعه يهودا، فقال نعم فقال أيكم يهودا؟ فأشاروا إليه، فقال جزاك الله خيرا عن أخيك يا يهودا، وجعل ينقره ويخبر حتى أتى على جميع فعلهم، وفى جميع ذلك يصدقونه، فقال بئس ما فعلتم بأخيكم، ثم قال لغلمانه خذوا بأيديهم واضربوا رقابهم، فقالوا أيها العزيز لا تفعل، فإن أبانا قد حزن على فقد واحد حتى عمى، وتركناه على الآخر طائر القلب، فكيف إذا سمع بقتلنا كلنا، وتملقوا وبكوا، وبكى معهم، ثم رفع البرقع عن وجهه فغشيهم نور وجهه فشبهوه بيوسف.