الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ ٱلْمَلِكِ وَلِمَن جَآءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ }

{ قالُوا نفقدُ صُواع الملكِ } أى الذى يكيل به، وقرأ صاع الملك المهملة بالعين، وصاغ الملك بالغين المعجمة، وصوع بالعين المهملة وفتح الصاد وضمها مع إسكان الواو، وصواغ بالضم والإعجام { ولمنْ جاءَ به } أى بالصواع، ويجوز تأنيثة كما قال { ثم استخرجها } كذا قال الأخفش، ولا دليل فيه لجواز عود الضمير فى { استخرجها } للسقاية فى قولهجعل السقاية فى رحيل أخيه } أو ساغ تأنيثة لأنه هنا سقاية وليس مطلق الصاع كذلك. { حِمْل بَعيرٍ } من الطعام أجره له على مجيئه به { وأنَا بهِ زَعيمٌ } أفرد المبتدأ، لأن الذى يخاطبهم فى ذلك هو المؤذن وحده، ولو قال قالوا نفقد، لأن من جاء مع المؤذن مساعدون له، وراضون بقوله وهو فيهم واحد منهم، فلو قالوا أيضا ونحن به زعيمون لجاز، ولكن زعيمون لا بوزن بعير موازنة تامة، ولو قال ونحن به زعيم بإفراد الخبر لجاز، لأن فعلا بمعنى فاعل يصح الإخبار به على الواحد وغيره، وعدل للإفراد لإيضاح أن المعنى بالصاع حتى إنه ليتكفل بحمل بعير من الطعام فى وقت الغلاء، والحمل بألف دينار ومائتى دينار هو المصدر فى التأذين. روى أنه قال إن ضاع ولم يوجد خفت أن تسقط منزلتى عند الملك وأفتضح فى مصر، ويتهمنى عليه، والزعيم الكفيل، وإن قلت فهل تجوز الأجرة وتحل على الدلالة على لقطة أو سرقة؟ قلت إما لمعطيها توصلا لما له فجائز إعطاؤها، وإما لأخذها فلا تحمل إلا إن قيل له ابحث عن ذلك، فجعل يبحث بلسانه وبده حتى وجده، فإنه يجوز له أخذ الأجرة على ذلك، ولو قيل تمام العمل إلا إن كان عالما قبل أن قيل له الأجرة إلا أن تعنى بالذهاب إليه ليأتى به، أو ليحقق شيئا من أمره هكذا أقول. ولو وجدت فى الأثر إطلاق أن الأجرة على ذلك تحل، وإن كان هو السارق أو اللاقط لم تحل له قطعا، إلا إن قيل للملقط احملها الينا بالأجرة، وقوله صلى الله عليه وسلم " الحميل غارم " ليس فى ذلك، وإنما هو فيمن يتكفل أن يتخلص بالدين مثلا عن احد لصاحبه، فليس ما قلت مأخوذا منه، ولو توهم بعض العلماء أنه فيما قلت، ولا دليل فى الآية على جوازها لمن يأخذها، ولو كان هو السارق، لأن الموجود فى الآية مجرد كفالة المؤذن على إعطائها، وقد علمتك أنها تجوز لمعطيها لا لأخذها، فتلفظ المؤذن بها لعلها تقبل عنه، ولو توهم بعض أن فى الآية دليلا على جوازها فى شرعهم، وأيضا يحتمل أن يريد إن لم تسرقوه بل ضاع فى رحالكم أو غيرها، فلمن أتى به حمل بعير.