الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ يٰبَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَٱدْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَآ أُغْنِي عَنكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ }

{ وقالَ يَا بنىَّ لا تدْخُلوا } مصر، وقيل ذلك فى الفرماء، وهى من أعمال مصر { مِنْ بابٍ واحدٍ وادْخُلوا مِن أبْوابُ مُتفرقةٍ } ولها يومئذ أربعة أبواب باب الشام، وباب المغرب، وباب اليمن، وباب الروم، وقيل خمسة بزيادة باب النون. وقال السدى أراد بالأبواب الطرق، والذى سبق فى حفظى أولا أنه أمر كل واحد أن يدخل من باب غير باب الآخر، وطريق غير طريقه، فيكون لمصر أحد عشر بابا أو أكثر. ولم أر وفى المسألة شيئاً من شيخى، وقيل أمرهم بذلك لأنه قد علم أن ملك مصر هو يوسف، إلا أن الله لم يأذن له فى إظهار ذلك، وكان غرضه أن يضل بنيامين إلى أخيه يوسف قبل إخوته فى وقت الخلوة، وقيل علم يعقوب أن يوسف بمصر من رسالة الأعرابى المذكورة فيما مر، فقال لأولاده ادخلوا من أبواب متفرقة، لعلكم تجدون يوسف، قيل ولم يدر أن يوسف وصل الملك. وقال ابن منبه أمرهم بذلك مخافة أن يغتالوا أحدا لما ظهر له فى أرض مصر من التهمة بالحسد، والصحيح أنه فعل ذلك مخافة العين عليهم، إذا كانوا ذوى جمال وقوة، وامتداد قامة، وكانوا أولاد رجل واحد، وهو قول الجمهور، وبه قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة. وفى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " العين حق لو كان شئ يسبق القدر لقلت العين لا تزال بالرجل حتى تورده القبر، ولا بالجمل حتى تورده القدر، ولا بالنخلة حتى توردها التنور، وإذ استغسلتم فاغسلوا " قالت عائشة " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالعاين فيتوضأ ثم يغسل منه المعين ". وقالت أسماء بنت عميس " يا رسول الله صلى الله عليك وسلم إن بنى جعفر أسرع شئ إليهم العين، أفأسترقى لهم؟ فقال " استرقى لو كان شئ يسبق القدر لسبقته العين ". وقال ابن عباس " إن يتيمة كانت عند ميمونة، فافتقدها النبى صلى الله عليه وسلم، فسأل عنها قيل له اشتكت عينيها، فقال " استرقوا لها فإنها أعجبتنى عيناها ". وقال سهل بن حنيف إذا أعجب أحدكم شئ فليبارك وصفه وضوء العاين، ما ذكروا أن سهل بن حنيف أصيب العين عند اغتساله، فأمر صلى الله عليه وسلم عاينه أن يتوضأ. وذكروا أنه يؤتى بقدح ولا يوضع فى الأرض لتؤخذ منه غرفة فيتمضمض بها ثم يمجها فى القدح، ثم يأخذ بشماله ماء يغسل به وجهه، ثم يأخذ ما يغسل به كفه اليمنى، ثم بيمينه ما يغسل به كفه اليسرى، ثم بشماله ما يغسل به مرفقه الأيمن، ثم بيمينه ما يغسل به مرفقه الأيسر، ولا يغسل ما بين المرفقين والكفين، ثم يغسل قدمه اليمنى ثم اليسرى، ثم ركبته اليمنى، ثم اليسرى على الصفة المتقدمة، وكل ذلك فى القدح، ثم داخله إزاره وهو الطرف المتدلى الذى يلى حقوه الأيمن، وقد ظن بعضهم أن داخلة الإزار كناية عن القدح، وجمهور العلماء على ما قدمنا.

السابقالتالي
2 3 4