الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ ءَالِ يَعْقُوبَ كَمَآ أَتَمَّهَآ عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

{ وكذلِكَ } أى كما اجتباك ربك لمثل هذه الرؤيا العظيمة الدالة على شرفك وعزك { يجْتَبيكَ } يختارك { ربُّكَ } للنبوة أو الملك، أو الأمور العظام، أو يجتبيك ربك لما ذكر على طبق ما تضمنته الرؤيا من الإشارة والاحتباء فى الأصل، من جبيت الشئ إذا حصلته لنفسك، ولا مانع من بقائه فى الآية على هذا المعنى. ويجوز أن يكون بمعنى تخصيص الله لعبده بفيض إلهى، تحصل منه أنواع المكرمات بلا سعى منه، وذلك مختص بالأنبياء، وبعض من يقاربهم من الصديقين والشهداء والصالحين. { ويُعلِّمكَ } مستأنف غير باق فى حين التشبيه، كأنه قيل وهو يعلمك كذا، قالوا قلت يجوز كونه فى حيرة فيعطف على يجتبيك، فيكون المعنى يجتبيك للأمور العظام، أو للنبوة والملك وللتعليم لك، كما اجتباك لمثل هذه الرؤيا، أو كما اجتباك لهذه الرؤيا يجتبيك لما ذكر، ولتعليم تأويل الرؤى جمع رأى كهدى. { مِنْ تأويلِ } تعبير أى شيئا من تأويل، أو من اسم بمعنى بعض على ما قيل، أو أغنى الجار والمجرور عن تقدير مفعول الأحَادِيثِ أى الرؤى، وكان أعلم الناس بتأويلها ذكر ذلك مجاهد وغيره، وقال الحسن هى عواقب الأمور، وقيل تعم ذلك وغيره من المغيبات، وقال الزجاج معانى كتب الله وسنن الأنبياء، وما غمض واشتبه على الناس من مقاصدها، وعليه فإنما سميت أحاديث لأنه يحدث بها عن الله ورسوله. وعن ابن عباس يعلمك العلم والحكمة، وهو اسم جمع الحديث، وقيل جمع أحدوثة، فانظر المرادى وحاشيتى عليه، والصحيح أن بالأحاديث الرؤى، وسمى تفسيرها تأويلا لأن الأمر يكون يئول إلى ما رأى النائم، والرؤيا إما حديث نفس أو ملك أو شيطان. قال على بن أبى طالب ما بال الإنسان يرى الشئ فى النوم فيكون، ويريد الشئ فلا يكون؟ فقال القوم ما سمعنا فى ذلك شيئا، فقال عمر أنا أخبركم، إن الإنسان إذا نام عرج روحه إلى السماء، فما رأى قبل أن تصل السماء فذلكم حلم يعنى من الشيطان، وكذا ما يرى بعد رجوعها وخروجها من السماء، وما يرى فى السماء فذلك الذى يكون. وعنه صلى الله عليه وسلم " أصدقكم رؤياه أصدقكم حديثا " وعن أبى قتادة " كنت أرى الرؤيا يمرضنى حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " الرؤيا الصالحة من الله، والرؤيا السيئة من الشيطان، فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث بها إلا من يحب، وإذا رأى ما يكره فليتفل عن يساره ثلاثا، وليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويسترها فإنها لا تضره " وعن أبى سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها فإنها من الله تعالى فليحمد الله وليحدث، وإذا رأى غير ذلك مام يكرهه فإنما هى من الشيطان فليستعذ بالله من الشيطان ومن نشرها ولا ذكرها لأحد، فإنها لن تفيده شيئا "

السابقالتالي
2