الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوۤءٍ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ ٱلْعَزِيزِ ٱلآنَ حَصْحَصَ ٱلْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ }

{ قالَ } الملك لهن { ما خَطْبكنَّ } أى ما شأنكن وكل أمر من الأمور يسمى خطبا عظيما أو صغيرا ولذلك فسره الشيخ هود رحمه الله بالحجة، فإن الحجة أمر من الأمور، وكثر فى الأمر العظيم وحقيقته أمر يحق أن يخاطب فيه صاحبه { إذْ } متعلق بنسبه الخبر إلى المبتدأ و متعلق بخطب، ولو كان خطب جامدا غير مصدر، لأن فيه معنى القصد والاعتماد. { رَاودْتُنَّ يوسف عن نَفْسِهِ } وذلك أن كلا منهن راودته عن نفسه لنفسها كما مر، أو لأنهن أمرنه بطاعة زليخا فيما راودته فيه، فكأنهن مراودات، أو المراود امرأة العزيز وحدها، وخاطب الكل سترا لها، لأنها فيهن، فذلك على الأول كلية حقيقة، وعلى الثانى كلية مجازا، وعلى الثالثة كل وحكم على المجموع، هل وجدتن ميلا منه إليكن حتى راودنه. { قُلْنَ حاشَ } فيه القراءات السابقة { للّهِ } تعجب من لغته البالغة مع وجود أسباب عدمها، ومن قدرة الله جل وعلا على خلق مثله { مَا عِلمنَا عَليه مِن سُوءٍ } أم قبيح من الزنى، ولا من مقدماته، أو من ذنب مطلقا فضلا عن ذلك. ولأنها فيهن، فذلك على الأول كلية حقيقة، وعلى الثانى كلية مجازا، رأودتنَّه. { قالَتِ امرأة العزيز الآن حَصْحصَ الحقُّ } ثبت واستقر متمكنا راسخا، من قولك حصحص البعير إذا ألقى ركبتيه على الأرض وتمكن قاعدا، وقال البخارى حصحص اتضح، وهو من قولك حص الشعر إذا استأصله حتى ظهرت جلدة الرأس، وقرئ بالبناء للمفعول، أى ظهر الحق وبان، أو أثبت وأقر، فإن الحصحصة بمعنى الثبوت تستعمل متعدية ولازمة. { أنا رَوادْتُه عَنْ نَفْسه وإنَّه لمنَ الصَّادقينَ } فى قولههى راودتنى عن نفسى } أو أرادت أنه صادق فى أقواله وأفعاله مطلقا ولا من يدل على شهادتها ببراءته، إذ لا يبقى لأحد مقال إذا اعترف الخصم، وإنما اعترفت بذلك لأن النسوة أقبلن عليها وقررنها، وقيل خافت أن يشهدن عليها فأقرت، وها هنا تم كلام المرأة بحضرة الملك، ثم ذكر الله جل وعلا بقية كلام يوسف الذى تكلم به للساقى حين رجع إليه ليأتى به إلى الملك، كما قال ابن جريج بقوله { ذَلكَ لِيَعلَمَ... }