الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يٰأَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ }

{ إذْ قالَ يُوسفُ } إذ بدل اشتمال من أحسن،إن جعلنا أحسن مفعولا به، لأن وقت مقال يوسف مشتمل على المخصوص، أو مفعول به باذكر، ويوسف بضم السين عبرى، فمنع الصرف للعملية والعجمة، ولو كان عربيّاً كما قيل لم يمنع صرفه لتجرد العلمية عن غيرها. قال فى عرائس القرآن أكثر العلماء على أنه عبرانى، وقيل عربى، سمعت الأستاذ أبا القاسم الحبيبى يقول سمعت أبا الحسن الأقطع، وكان حكيما، سئل عنه فقال الأسف الحزن، أو الأسيف العبد، واجتماعا فيه انتهى. وقرئ بفتح السين، وذلك لغتان، وفيه لغة ثالثة بكسرها، وقرئ بها أيضا، ولا يقال إنه على لغة الفتح عربى منقول من الفعل المضارع المبنى للمفعول، وعلى لغة الكسر من المضارع المبنى للفاعل من آسف بالمد، فيمنع الصرف للعلمية ووزن الفعل، لأنا نقول قراءة الضم، وهى المشهورة، شاهد بالعجمة، فلا يقدم على أن تكون الكلمة أعجمية تارة، عربية أخرى، لأن هذا خلاف الأصل، ومثله يونس، فان فيه ثلاث اللغات. وإن قلت فإذا كان عجميا نافى قوله عز وجل { قرآنا عربيّاً }؟ قلت لا ينافيه، فكم من لفظة أعجمية فى الأصل عربتها العرب، فجرت فى ألسنتها، فنزلت فى القرآن فعدت عربية، فإن العربى قسمان أحدهما عربى أصل، والآخر عربى بالتعريب، ومن قال القرآن شئ من كلام العجم بلا تعريب فقد أعظم على الله القول، فيوسف أعجمى تلعبت به العرب بلغتها، فمن كاسر وفاتح وضام وهو أكثر. { لأبِيهِ } يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، قال ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم " وفى رواية " إذ قيل من الكريم؟ فقولوا الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف ابن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم " وروى أبى هريرة مثل رواية ابن عمر. { يا أبتِ } أصله يا أبى، حذفت ياء المتكلم وعوض عنها التاء، وهى تاء التأنيث فى الأصل ولو انسلخت عند التعويض عن التاء نيب، ولذلك قلبها فى الوقف هاء ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب، كما لحقت تاء التأنيث المذكر فى قولهم رجل ربعة، وغلام يفعة، وحمامة ذكر، وشاءة ذكر، ولو كان لا يقال يا أبتى تقومين، بل تقوم كما يقال جاءت حمامة، وجاءت شاة فى التأنيث، وجاز التذكير، ولا يقال أيضا جاءت ربعة أو يفعة إذ أريد مذكر، وخص فى الباء لأنها مناسبة للياء فى كون كل منهما زائدة آخر الأسم فى نية الانفصال، فإن تاء التأنيث فى نية أكثر من غيرها، وكسرت لتدل عليها كذا قيل، أو لأن الكسرة تناسب الياء المعوض عنها، أو لأنها حركة ما قبل الياء، فإنه مكسور، لكن لما دخلت التاء فتح وزحلقت كسرته إليها.

السابقالتالي
2 3 4 5