الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ ٱلآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ }

{ ثمَّ } العطف على محذوف أى قالوا ما قالوا ثم { بَدَا } ظهر { لَهم مِنْ بَعْد ما رأوُا الآياتِ ليسْجننَّه حتَّى حِينٍ } أرادوا أولا أن يقتصروا من أمر يوسف بالإعراض وكتم الحال، ثم ظهر لهم أن يسجنوه، وفاعل بدا ضمير مستتر عائد إلى المصدر المفهوم منه، أى بدا لهم بداء كما صرح به الشاعر فى قوله
* بدا من تلك القلوص بداء *   
وجملة ليسجننه جواب قسم محذوف، ومجموع القسم وجوابه مفسر لذلك البداء، ولا يمنع من هذا كون القسم إنشاء، لأن المفسر هنا المعنى المتحصل من الجواب الذى هو خبر، وهذا المعنى سجنه عليه الصلاة والسلام، وهذا هو البداء الذى بدا لهم، قاله ابن هشام، وقيل الفاعل ضمير مستتر عائد إلى السجن المدلول عليه بقوله { ليسجننه } أى بدا لهم السجن بفتح السين، أو عائد إلى السجن المذكور قبل، أى بدا لهم أمر السجن، أو عائد إلى الرأى المدلول عليه بقوله { ليسجننه } أى بدا لهم رأى ليسجننه، وقال هشام وثعلب الفاعل القسم وجوابه، قال ابن هشام المشهور منع كون الفاعل جملة مطلقا، وأجازهما هشام وثعلب مطلقا، والفراء وجماعة بشرط كون الفعل قلبيا معلقا عن العمل، ونسبوه لسيبويه، والأكثر على المنع مطلقا. وضمائر الجمع عائدة إلى العزيز وأصحابه، أو للعزيز وأهله، أو لكل ذلك، والآيات بيعه بأعلى ثمن، وشهادة الصبى فى المهد، وقدّ القميص، وخمش فى وجهه، وقطع النساء أيديهن، واستعصامه عنهن، قيل وسجود صنم زليخا له، ورد الله جل وعلا مثل ما اشتراه به فى الخزائن، وذلك عادة الآدمى، يرى الآيات ويعرض عنهنوكأين من آية فى السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون } قال الملك ريان قد صح عندى أن الذنب لزليخا ولكن أضعه عليه لئلا ينكشف سترها، وأسجنه لكى يعذبها بما وجدت عذابا شديدا من حجابها به عنها. وقرأ الحسن لتسجننه بتاء الخطاب إما خطابا للعزيز وأصحابه، أو له أو لأهله خاطبهم به ببعض أو له وحده تعظيما، وذلك أن واو الجماعة مقدر فى لتسجننه، وكذا فى قراءة الجمهور حذف لإلتقاء الساكنين. وقرأ ابن مسعود عتَّى حين بالعين على لغة هذيل وأقرأها رجلا وسمعه عمر يقرأ بها فقال له عمر من أقرأك؟ قال ابن مسعود، فكتب إليه إن الله أنزل هذا القرآن فجعله عربيا، وأنزله بلغة قريش فأقرئ الناس بلفظ قريش ولاتقرئهم بلغة هذيل والسلام، والخبر مطلق، وقد يرون فيه رأيهم، وقال عطاء، أرادوا حينا تنقطع مقالة الناس فيه، وقال عكرمة سبع سنين، وقال الكلبى خمسين سنة، وقضى الله سبحانه بسبع سنين. قال الكلبى بلغنا أنها قالت لزوجها صدقته وكذبتنى وفضحتنى فى المدينة، فأنا ساعية فى رضاك إن لم تسجنه وتسمع به وتعذرنى، فأمر أن يحمل يوسف على حمار، فضرب الطبل أن هذا يوسف العبرانى، راود سيدته على نفسها، وطيف به فى أسواق مصر كلها، ثم أدخل السجن.

السابقالتالي
2 3