الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئاً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتِ ٱخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَـٰذَا بَشَراً إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ }

{ فلمَّا سَمِعتْ بمكْرهنَّ } أى بقولهن المذكور، وسمى مكرا لأنهن قلنه فى خفية عنها، وهو ضرر لها، كما أن المكر يخفى وهو مضر، وقيل لأنها قد ذكرت لهن أمرها واستكتمتهن إياه فأفشينه، وقيل لأنهن قصدن بذلك رؤية يوسف، وقد وصف لهن بالجمال الفائق، فأظهرن تخطئتها فى عشق عبد إزراء به فى الظاهر، لتستظهر عليهن بإرأتهن إياه، وظاهر بعضهم أنه مروى عن ابن عباس. { أرْسلتْ إليهنَّ } رسلا يدعوهن للضيافة، وتريد أن تقيم العذر لنفسها، صنعت طعاما، ودعت أربعين امرأة شريفة منهن هؤلاء اللاتى قلن امرأة العزيز تراود فتاها الخ، وعن وهب أنها ادعت سبعا وأربعين امرأة، وقيل دعت عشرة نسوة ذوات الأزواج من بنات الملوك، وعشرا عذارى من بنات الملوك، فذلك عشرون، منهن هؤلاء القائلات. وروى أنها أمرت جاريتها أن تدعوهن، وزينت بيتها بأنواع الزينة، وبسطت فرشا من ديباج مذهب، ونصبت الكراسى من الزمرد الأخضر، واليقاوت الأحمر، والذهب والفضة، وقالت لها جاريتها يا سيدتى قد وقعن فى عرضك وأنت قد أعددت لهن ذلك؟ قالت نعم إنى لأعذبهنَّ برؤية يوسف أعرضه عليهن حتى يرينه كلهن، ثم أحجبه عنهن حتى يمتن من عشقه. { وأعْتَدتْ } أحضرت هو من عتد بمعنى حضر، دخلت عليه همزة العدية { لهنَّ مُتَّكئاً } اسم مفعول على الحذف والإيصال، أى متكأ عليه أى ما يتكئ عليه من الوسائد، وما يستند عليه ليتكئن أو يستندن. قال ابن عباس، وابن جبير، والحسن، وقتادة، ومجاهد المتكأ، وسمى الطعام متكأ لأنهم كانوا يتكئون للطعام والشراب تترفا، ويعدون لمن دعوه للطعام ما يتكئ عليه، ولذلك نهى صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال " لا أكل متكئا " فسمى باسم ما يجاوره، حتى أنهم يقولون اتكاؤنا عند فلان، أى طعمنا عنده. وقيل المتكأ مجلس الطعام، وقيل طعام يجز بالسكين، سمى لأن القاطع يتكئ عليه بالسكين، وقرأ الحسن متكاء بالمد للإشباع، وقرئ متكى، بإبدال الهمزة ألفا، وقرأ ابن عباس فى رواية وغيره متكأ بإسكان التاء فقيل هو الأترج لعلها أهدت أترجة على ناقة، وكأنها الأترجة التى ذكرها أبو داود فى سنته، أنها شقت بنصفين، وحملا كالعدلين على جمل، فإن الأترجة يقال لها متكة، وقيل كل ما يقطع بالسكين من الطعام، وقرئ متَّكاً بالتشديد والتنوين على الكاف، وعليها الإعراب من متك الشئ بتشديد يمتكه أى قطعه، أى أحضرت لهن ما يحتاج للقطع، وعن وهب أعدّت أترجا وموزا وبطيخا، وقرأ الأعرج متكأ بفتح الميم وإسكان التاء من تكأ يتكأ بمعنى اكتكى، أى موضع اتكاء. { وآتتْ كلَّ واحِدةٍ منْهنَّ سِكيناً } خنجراً، وكان من عادتهم أن يأكلوا اللحم والفواكه بالسكين، وروى أنها أعطت لهن الشراب، والأترج، والرمان، والخمر، والخبز، والحوار فيه اللحم المدقوق، والبيض، والبقول، على فرش ومساند حشوها الريش، وأعطت كل واحدة سكينا لقطع الأترج.

السابقالتالي
2 3 4 5 6