الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي ٱلْمَدِينَةِ ٱمْرَأَةُ ٱلْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }

{ وقالَ نِسْوةٌ } اسم جمع امرأة، وضم النون لغة لبعض العرب، والتأنيث باعتبار أنه اسم لجمع غير حقيقى، ولذلك لم يقل وقالت نسوة، وهن خمس إمرأة الساقى، وامرأة الخباز، وقيل أمين الخبازين، وامرأة صاحب الدواب، وامرأة صاحب السجن، وامرأة الحاجب، وقيل أربع بإسقاط امرأة صاحب الدواب، وقيل امرأة صاحب الملك، وامرأة صاحب ديوانه، وامرأة خبازه، وامرأة ساقيه، وامرأة السجان وهن خمس وعبارة بعضهم نسوة من أشراف مصر. { فى المدِينةِ } هى مصر، وقل هى مدينة تسمى عين الشمس، والجار متعلق بقال، أى أشعن فى المدينة وشهَّرن، أو لمحذوف نعت نسوة { امْرأةُ العَزيزِ } قطفير والعرب تسمى الملك عزيزا { تُراوِد فتَاهَا } غلامها يوسف، والفتى فى اللغة الشاب، ولكن لما كان جل الخدمة شبابا شاع استعمال لفظ الفتى فى معنى الخادم والعبد. { قَدْ شَغَفَها حُبّاً } تمييزا محول عن الفاعل، أى شغفها حبه، أى دخل حبه شغاف قلبها، أى غلاف قلبها، وهو حجابه، وشق حتى وصل قلبها. قال بعضهم شغاف القلب جلدة رقيقة يقال لها لسان القلب كالجلدة الملتصقة بالكبد، وذلك أشهر، وقيل الشغاف داء يصل القلب، فمعنى شغفها وصل قلبها ذلك الداء المسمى شغافا منه، وقال الكلبى حجب حبه قلبها حتى لا تعقل شيئا سواه، وهو بمنزلة قول بعضهم إن المعنى أن حبه أحاط بقلبها إحاطة الشغاف بالقلب وهو غلافه. وقال عكرمة، ومجاهد دخل حبه شغاف قلبها، وقال الحسن لوصل الحب شغاف قلبها لماتت، ولكن الشغاف الجلدة اللاصقة بالكيد، وهى جلدة بيضاء، لصق حبه بقلبها التصاق الجلدة بالكبد، ويناسبه ما روى عن الضحاك إن المعنى هلكت عليه حبا، بأن يريد أنه شبه شدة حبها بوصول الحب الشغاف فى التأدية إلى الموت، وقيل المعنى خالط جميع بدنها ظاهرا وباطنا لحملها وعرقها وعظمها، وقيل الشغاف الدماغ، وقيل وسط القلب، وقيل مكان الروح، وقرئ بالعين المهملة من شعف البعير إذا طلاه بالقطران فأحرقه بالقطران. { إنَّ لنَراهَا فى ضَلالٍ مُبينٍ } فى خطأ عن الصواب، خطأ واضح عكس ما يجب على أمثالها من العفاف والستر وتحرّت الرشد حيث راودت فتاها عن نفسه.