الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَرَاوَدَتْهُ ٱلَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ ٱلأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ إِنَّهُ رَبِّيۤ أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ }

{ وَراودَتْه } طلبت منه الجماع بتلطيف وخداع وحرص، مرة بعد أخرى وذلك فى وقت واحد { الَّتى هُو فى بَيْتها } وهى زليخا { عَنْ نَفْسه } كناية عن غرض الجماع وغيره بموصول ليقرر بصلته الغرض المسوق له الكلام، وهو نزاهة يوسف، فإنه إذا كان فى بيتها وتمكن منها ولم يفعل، كان غاية فى النزاهة، ولو قال وراودته امرأة العزيز أو زليخا، أو راعيل لم يفت ذلك إلا بخارج، وقيل عبر به تقريرا للمراودة، لما فيه من فرط الاختلاط والألفة، وقيل تقرير المسند إليه لإمكان وقوع الإبهام فى امرأة العزيز أو زليخا، أو راعيل، واشتهر أن ذلك زيادة تقرير، واختير أن ذلك لزيادة تقرير واستقباح التصريح بالاسم. { وغلَّقتِ الأبْوابَ } قيل كانت سبعة متتابعات، وقيل كل فى جهته لا متتابعة فى جهة واحدة، وقيل أربعة والتشديد المبالغة فى الإثاق لئلا يهرب، ولئلا يطلع عليها أحد، ولشدة الخوف، ولأن هذا لا يقع إلا فى خفية، أو التشديد للتكثير، فإن الأبواب كثيرة فالغلق كثير. { وقَالتْ هِيتَ } بكسر الهاء، وإسكان الياء، وفتح التاء عند نافع، وابن عامر فى رواية ابن ذكوان عنه، وكذا قرأ هشام عنه، لكنه أبهم مكان الباء، وروى عن هشام ضم التاء، وقرأ ابن كثير بفتح الهاء وضم التاء تشبيها بحيث، والباقون بفتحها، وفى رواية عن أبى عمرو بكسر الهاء وبالهمز وضم التاء، وقرئ هيت بكسر الهاء والتاء، وعلى كل حال فهو اسم فعل بمعنى أقبل وبادر، ومثل هذا قول الحسن إن معناه هلمَّ، وقول عكرمة هيت بالحورانية هلم، وقول ابن جبير تعال، وكذلك قال الكسائى إنها لغة لأهل حوران، رفعت إلى الحجاز، وقيل هى بالعبرانية فعربت، وعن مجاهد وغير إنها غربية. واللام فى قوله { لَكَ } لتبيين الفاعل، فإن يوسف هو المطلوب منه الإقبال، وقيل فى قراءة كسر الهاء بعدها همزة، وضم التاء فعل وفاعل، واللام متعلقة بالفعل من هاء يهئ أى تهيأت لك من هيؤ الرجل بمعنى حسنت حاله، أى قد حسنت حالى وزينته لك يا يوسف. وقال ابن هشام وأما قوله تعالى { وقالت هيت لك } فيمن قال بهاء مفتوحة وبياء ساكنة وتاء إما مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة، فهيت اسم فعل، ثم قيل سماه فعل ماض أى تهيأت، فالدم متعلقة به كما تتعلق بمسماه لو صرح به، وقيل مسماه فعل أمر بمعنى أقبل أو تعال، واللام للتبيين أى إرادتى لك، وأقول لك، وأما من قرأ هئت كجئت فهى فعل بمعنى تهيأت، واللام متعلقة به، وأما من قرأ كذلك، ولكن جعل التاء ضمير المخاطب فاللام للتبيين مثلها فى اسم الفعل، ومعنى تهيئة تيسيرا تفرادها به، لا أنه قصدها، بدليل { وراودته } ولا وجه لإنكار الفارسى هذه القراءة مع ثبوتها واتجاهها، ويحتمل أنها أصل قراءة هشام بكسر الهاء وبالياء، وبفتح التاء، ويكون على إبدال الهمزة، أى إبدالها ياء ا.

السابقالتالي
2 3