الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَآءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ }

{ وجَاءُوا عَلى قميصِهِ } متعلق بمحذوف حال من دم، ولا يقاس ذلك، لأن الحال لا تتقدم على صاحبها المجرور بحرف غير زائد، وأجاز ابن مالك قياسه كالفارسى، وابن كيسان، وابن برهان، وابن ملكون، وبعض الكوفيين، قال ابن مالك فى شرح التسهيل هو الصحيح، انتهى، وعلى كل حال فتخريج الآية عليه أنسب المعنى، وأسلم من التكلف، ويجوز كون على بمعنى مع فتعلق بمحذوف حال من الواو، أو بجاءوا على الأول تكون الباء فى قوله { بدمٍ } بدلا من همزة التعدية متعلقة بجاءوا بمعنى مع متعلقة بمحذوف حال من الواو، وبجاءوا على الثانى، تكون بدلا من الهمزة متعلقة بجاءوا بمحذوف حال من قميص، ويجوز كون الباء متعلقة بكون خاص هو الحال من قميص أى ملطخا بدم. { كَذبٍ } وصف بالمصدر مبالغة، كأنه نفس الكذب كقوله
* فهن به جود وأنتم به بخل *   
فجعلهن نفس الجواد، وجعلهم نفس البخل مبالغة، أو يأول باسم مفعول أى بدم مكذوب فيه، أو يقدر مضافا أى ذى كذب، أو هو صفة مبالغة لا مصدر ولو قل مثله، وقرئ كذبا لنصب على الحال بأحد تلك الأوجه من كونه مصدرا مبالغة، أو مؤلا بالوصف لكن باسم الفاعل هنا، أى كاذبين، أو كونه بتقدير مضاف، أى ذوى كذب، أو كونه صفة مبالغة، وأجيز كونه مفعولا لأجله، وإنما وصف الدم بأنه كاذب لأنه ليس دم يوسف كما قالوا، وقراءة عائشة كذب بإهمال الذال، أى طرى وقيل كدر، واختاره بعض. وقال ابن جنى أصله البياض الخارج على أظفار الصغار، شبه به الدم اللاصق على القميص، وفى رواية أنهم لم يجيئوا أولا بقميصه إليه بل أمسكوه عندهم حتى، قال ماعلامة ذلك؟ فأخرجوه إليه، وقيل لما قالوا لهإنَّ ذهبنا نستبق } الخ قال لهم أرونى قميصه، فأروه إياه فقال والله الذى لا إله إلا هو ما رأيت ذئبا أحلم من هذا لم يخرق له قميصا، ولم يشق له جيبا، وصاح صيحة وخر مغشيا عليه، فلم يفق إلا بعد ساعة طويلة، فلما فاق بكى بكاء شديدا، وأخذ القميص يشمه ويضعه على وجهه وعينيه. قال الشعبى كان فى قميص يوسف ثلاث آيات لما جاءوا به إلى أبيه وقالوا أكله الذئب فقال لو أكله لشق قميصه، وحيث سعى نحو الباب فقدت زليخا قميصه من خلف، فعلم العزيز أنه لو راودها لكان الشق من بين يديه، وحيث ألقى على وجه أبيه فارتد بصيرا، وكل قميص غير الآخر. وعن ابن عباس لما أعطوه القميص بكى، ثم تأمله فلم ير به خرقا ولا أثر ناب، استدل على كذبهم فقال متى كان الذئب حليما يأكل يوسف ولا يخرق قميصه، وذلك أنهم غفلوا أن يمزقوه.

السابقالتالي
2 3