الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ مِّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ ٱتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }

{ وما أرسَلْنا مِن قَبلكَ إلا رجَالاً } رد على من قاللو شاء ربنا لأنزل ملائكة } وقال ابن عباس ذلك نفى لاستنباء النساء، ويقال لمن ادعت النبوة لم تزل أنبياء الله ذكرانا، والمراد بالإرسال الجعل أنبياء، سواء مع رسالة أو عدمها، وما ذكرته أولا أولى من قول ابن عباس، لأنهم لم يدعوا بنبوءة امرأة، ويرد عليهم بذلك، اللهم إلا أن يراد مجرد الإخبار بأن المرأة لا ترسل، وأراد ابن عباس أن الآية تنفى نبوتها، ولو كان المقصود بالذات فيها نفى رسالة الملك، ويجوز أن يراد بيان خطئهم فى استهزائهم وتهكمهم فى أخت العباس، لما رأت فى المنام ما يدل على هلاكهم فى بدر، إذ قال بعضهم للعباس متى حدثت هذه النبية فيكم؟ وقد مر بيان ذلك، ولو كان بين نزول هذه السورة وقولهم ذلك مدة. { نُوحى إليْهم } قال أبو عمرو الدانى قرأ حفص نوحى إليهم، هنا، وفى النحل، والأول من الأنبياء بالنون وكسر الحاء والباقون بالياء وفتح الحاء، وحمزة والكسائى يميلان على أصلهم انتهى. { مِنْ أهلِ القُرى } المراد ما يشمل الأمصار، وذلك لأنهم أعلم وأحلم من أهل البدو، ولم يبعث الله نبيا من أهل البدو لجهلهم وجفائهم وقسوتهم، ولا يعترض ذلك ببدو يعقوب، لأن بدوه لم يكن فى أهل عمود، بل باستقرار ومنازل وربوع، بل قد بنى بيتا سكنه، ومر كلام فى ذلك أو جعله بدوا بالإضافة إلى مصر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فضيلة أهل المدائن، أى الأمصار، على أهل القرى كفضيلة الرجال على النساء وفضيلة أهل القرى على أهل العمود كفضيلة الرجال على النساء، وأهل الكفور كأهل القبور " فقيل ما الكفور؟ فقال " البيت بعد البيت " وقال " ما من ثلاثة يكونون فى قرية البدو ولا يُجمعون للصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان، وإنما يأخذ الذئب من الغنم القاصية " وقال " الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم يأتى الشاة القاصية، عليكم بالمساجد والجماعة والعامة، وإياكم والشعاب ". " وكان معاذ على بعض أهل الشام فجاءه ناس من أهل البادية فقالوا له قد شقت الإقامة، فقد بدأت بنا، فقال لعمرى لابداء لكم قبل الحاضرة أهل العبادة وأهل المساجد، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " عليهم تنزل السكينة، وإليهم يأتى الخير، وبهم يبدأ يوم القيامة " قال والخير الوحى، ولا نبى من الجن بعد خلق آدم، وأما قبله فقيل كانت الجن تعمر الأرض وأنبياءهم منهم لا من النساء، وفى نبوءة بعض النساء خلاف أذكره فى سورة القصص إن شاء الله، والتبدى مكروه إلا فى الفتن والهروب بالدين، فلا يكره بل يستحب، وإن تحقق فساد الدين بعدمه وجب، وهذا كله مع إبقاء وطنه فى الحضر.

السابقالتالي
2