الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ يٰنُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّيۤ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ }

{ قالَ يا نُوحُ إنَّه لَيسَ من أهْلكَ } الناجين محذوف النعت، أو من أهل دينك، فحذف المضاف، وذلك أنه ابنه، ولا مانع من كون ولد نبى كافرا كقابيل ولد آدم، ولأن من كون نبى وآله كافر كإبراهيم، فإن أباه آزر كافر، فإن الصحيح وهو مذهب الجمهور أنه ابن نوح، وعليه ابن عباس، والضحاك وابن جبير، وعكرمة، وهو الموافق لقولهيا بنى } فإن الأصل الحقيقة لا ينصرف عنها إلا لدليل، ولكن قطعت الولاية بينهما لكفره، وقد قال الحسن إنه مؤمن الظاهر مشرك الباطن، فأخبره الله أنه ليس من أهلك، ويدل لذلك تعليله بقوله { إنَّه عَملٌ غيرُ صَالحٍ } إن عمله غير صالح فحذف المضاف من أول، أو أنه ذو عمل غير صالح فحذفه من الأخير، فذلك من مجاز الحذف، ووجه الأول أن يبنى الكلام من أوله على ما هو المراد، ووجه الثانى أن التغيير أليق بالأخير، أو أنه عامل غير صالح بتنوين عامل ورفعه ورفع غير، كما تقول فلان عامل فاسد بتنوينهما، فذلك مجاز مرسل لعلاقة التعلق أو الاشتقاق إذا أطلق المصدر وأراد اسم فاعل، أو أنه نفسه عامل غير صالح، فيكون مبالغة فى فساده، حتى كأنه نفس العمل الفاسد، كما تقول إن زيدا عمل، وإنه صوم إذا كثر عمله وصومه، وكقول الخنساء تصف ناقة ذهب عنها ولدها
ترتع ما غفلت حتى إذا ذكرت فإنما هى إقبال وادبار   
أو الهاء للنداء والسؤال كما قال النخعى، وذكره المهدوى، أى إن نداءك عمل غير صالح وهو حسن، وقال جار الله وليس بذلك والجمهور على غيره، ولو كان لا مجاز فيه ولا مبالغة وقرأ الكسائى ويعقوب إنه عمل بكسر الميم وفتح اللام، وهو فعل ماض غير بالنصب على المفعولية، وكذا روت أسماء بنت يزيد الأنصارية عنه صلى الله عليه وسلم، أى عملا غير صالح، فحذف المنعوت والهاء على هذا لابنه أو للشأن، وضمير عمل لابنه، ولم يستغن بفساد عن قوله { غير صالح } ليشير إلى أن نجاة من نجا بالصلاة وإلى مغايرة عمله لعمل من نجا بأن عمل من نجا صالح، وعمل لبنه غير صالح، والنجاة إنما هى بالصلاح لا بالقرابة. { فَلاَ تَسْألنى } بإثبات الباء فى الوصل كالوقف فى رواية ورش، عن نافع، وبذلك نقرؤه، وروى غير ورش عنه حذفها فى الوصل، وأما كسر النون مشددة وفتح اللام فمتفق عليه عن نافع، وكذا قرأ ابن عامر، وأثبت الياء فى الوصل، والنون نون التوكيد الشديدة كسرت للياء، وحذفت نون الوقاية تخفيفا عن اجتماع ثلاث نونات. قلت أو النون المدغمة نون التوكيد الخفية والمتحركة بكسر نون الوقاية، وقرأ ابن كثير بفتح النون مشددة، وهى نون التوكيد الشديدة، والياء محذوفة مع نون الوقاية وهو أنسب بما ذكرته أولا، وقرأ الباقون بنقل فتح الهمزة للسين، وحذفت الهمزة وإسكان اللام وكسر النون مخففا، وهو نون الوقاية، وحذف الياء.

السابقالتالي
2