الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَآ آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ }

{ حتَّى إذا جاءَ أمرُنا } حتى هذه ابتدائية عائدة إلى يصنع، وليست الابتدائية خارجة عن الغاية بالكلية، كما قد يتوهم، بل هى بمنزلة فاء السببية، المتفرع ما بعدها على ما قبلها، ففى ذلك رائحة الغاية فافهم، وقد أوضحته فى النحو، وقيل الداخلة على إذا جارة، وذكر القاضى أنها غاية ليصنع وما بينهما حال من ضميره، أو ابتدائية انتهى. والأمر واحد الأمور، أو مصدر أى أمرنا للماء بالفوران. { وفَارَ } أى نبع بالماء وغلى كالقدر { التَّنُّور } الذى يخبز فيه عند الحسن، ومجاهد، والشعبى، وأكثر المفسرين، وابن عباس فى الرواية الصحيحة عنه، وهو الصحيح، لأن اللفظ حقيقة فيه، جعل الله نبع الماء منه علامة لنوح يركب هو وما ومن معه عندها فى السفينة، وقال لامرأته إذا رأيته يفور فأخبرينى فأخبرته. قال مقاتل كان تنور لآدم فى الشام فى موضع يقال له عين ورد، من ناحية الجزيرة، وعن ابن عباس أنه بالهند، وعن مجاهد، عن الشعبى اتخذ السفينة فى جوف مسجد الكوفة، وكان التنور مما يلى باب كندة على يمين الداخل، وكان يحلف بالله ما فار التنور إلا من ناحية الكوفة، رواه السدى عنه، وهو من حجارة تخبز فيه حواء، ثم صار إلى نوح قاله الحسن، وأل للعهد، وكان فى بيت نوح معهودا عنده. ويجوز أن لا يكون المراد حقيقة نبع الماء من التنور، بل المراد الكناية عن شدة الأمر، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الآن حمى الوطيس " وهو لفظ فارسى جاء فى القرآن، وقيل كان قبل ذلك فى لسان العرب من لغة العجم، ولا تعرف لمسماة العرب اسما غير ذلك، ولذلك جاء فى القرآن، وقيل ذلك اسمه فى كل لغة، وقال على بن أبى طالب فار التنور، طلع الفجر، شبه طلوع نور الصبح بفوران نار التنور، وقال ابن عباس فى رواية، وعكرمة، والزهرى فار التنور انبجس الماء على وجه الأرض، وقيل فار عليه، وقيل فار على أعلى موضع فيها. { قُلْنا احْمِل فِيها مِنْ كلٍّ زوْجَيْن } أى من كل نوع ذكر ونوع أنثى { اثْنيْنِ } فردين اثنين، فرد ذكر، وفرد أنثى، وهو مفعول احمل فى الفلك، وقرأ حفص تنوين كل فيكون زوجين مفعول لاحمل، واثنين توكيد أو نعت مؤكد، فيكون الزوجان الفرد الذكر والفرد الأنثى، وكذا قرأ فى " سورة المؤمنون ". قال فى عرائس القرآن وغيره حشر الله إليه الدواب والطيور، من البر والبحر، والسهل والجبل، لئلا ينقطع نسلها، قال ابن عباس أرسل الله المطر أربعين يوما وليلة، وأقبلت الوحوش والطير والدواب إلى نوح، حين أصابها المطر، وأول ما حمل الدرة، وآخره الحمار، وتعلق إبليس بذنبه، فيأمره نوح بالدخول فينهض فلا يستطيع، حتى قال له نوح ويحك ادخل وإن كان الشيطان معك، كلمة زل بها لسانه، فخلاه إبليس فدخل، ودخل إبليس فقال له ما أدخلك يا عدو الله اخرج؟ قال لا أخرج ألم تقل للحمار ادخل وإن كان الشيطان معك، ولا بد من حملى، فإنى من المنظرين وكان على ظهر الفلك، وقيل على ذنبها، واشترط عليه أن لا يوسوس فيها أحدا ما دام فيها.

السابقالتالي
2 3