الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُمْ بِٱلْبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ كَذَٰلِكَ نَطْبَعُ عَلَىٰ قُلوبِ ٱلْمُعْتَدِينَ }

{ ثمَّ بعثْنَا مِنْ بَعْدِه } بعد نوح { رُسُلا إلى قَوْمهم } إضافة القوم للهاء جنسية، فالمراد الأقوام، أى أرسلنا كل رسول إلى قومه، كإبراهيم، وهود، وصالح، ولوط، وشعيب { فَجاءُوهُم بالبيِّناتِ } الدلائل الواضحات. { فما كانُوا ليؤمِنُوا } انتفى عنهم لإيمان انتفاء بليغا لتمردهم فى الكفر، وخذلان الله لهم { بمَا كذَّبُوا بهِ مِنْ قَبلُ } قبل بعث الرسل، وذلك أنهم كانوا أهل جاهلية مكذبين بجنس ما جاءت به الرسل، ويجوز أن تكون الباء سببية، أى بسبب الحق الذى كذبوا به من قبل، فإن ذلك الحق من حيث إنه كذبوا به، مسبب للتكذيب بما جاءت الرسل به، أو المعنى من قبل التفكر، أى فما كانوا ليؤمنوا بذلك المذكور من الآيات بعد تكذيبهم به عقب مجيئه بلا تفكر، أو فما كان تلك الأقوام ليؤمنوا بما كذب به قوم نوح من قبلهم. { كذَلكَ نطْبعُ } أى مثل ذلك الطبع المحكم نطبع، وقرئ بالمثناة التحتية { عَلى قُلوبِ المعْتَدينَ } المنهمكين فى الضلال طبعا تابعا، ومقتضى لكسبهم الذى هو فعل لهم، وخلق لله لا جبرا وظلما والمعتدون كفارة هذه الأمة، أو هؤلاء الأقوام، أو على العموم، فالمعنى نطبع عليكم كما طبعنا على هؤلاء الأقوام، وعلى هؤلاء الأقوام، كما طبعنا على قوم نوح، أو على كل معتد، كما طبعنا على من ذكر.