الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلاۤ إِنَّ أَوْلِيَآءَ ٱللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } * { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فِي ٱلْحَياةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

{ ألاَ إنَّ أولياءَ اللهِ } وهم الذين تولوا الله بالطاعة، واشتغلوا بها، والدعاء إليها، وتولاهم الله بالكرامة والهداية، وفى الحديث " إنهم الذين يُذكَر اللهَ برؤيتهم وبذكرهم " وذلك أن هيئتهم فى أعمالهم تدل على الله ويخشعون، وزيد فى رواية ويذكرون بذكر الله وفى حديث " إنهم المتحابون فى الله، لا فى مال ولا نسب ولا دنيا، يكونون تحت ظل العرش، على منابر من نور، وعلى وجوههم نور، يتمنى حالهم الأنبياء والشهداء " وقيل من استغرق فى الله إذا رأى دلائل قدرة الله، وإذا سمع سمع آيات الله، وإذا نطق نطق بالثناء على الله سبحانه وتعالى، وإذا تحرك أو اجتهد أو فكر ففيما يقربه إلى الله، وقال ابن زيد أو المتكلمون من صح اعتقاده، وأدى الفرض واجتنب المعصية كما أشار إليه بقوله { الذين آمنوا وكانوا يتقون }. { لا خَوفٌ عَليْهم } من لحوق مكروه { ولا هُم يحْزَنُون } بفوات مأمول، لأنهم لا يفوتهم، ولا بما فاتهم من الدنيا، لأنهم لم يضيعوها، بل اشتروا بها الجنة، ولا بعذاب يلحقهم، إذ لا عذاب عليهم، وذلك فى الآخرة. وقيل لا يخافون فى الدنيا أحدا، ولا يحزنون على فوات شئ منها، لأن الولاية والمعرفة منعهم من ذلك، فهم لقربهم من الله، ونصر الله لهم على النفس والشيطان، لا يخافون ولا يحزنون بذلك، وهذا إنما يصح فى خواص المؤمنين، وأما إذا فسرنا الأولياء بالمؤمنين المؤدين للفرائض، المجتنبين للمعاصى، فذلك فى الآخرة، لأنهم لا يخافون فى الدنيا من خوف وحزن، لأنها مخلوقة على نكد وهم وغم، قال بعضهم الآية مجملة فسرت بقوله { الذِينَ آمنُوا وكانُوا يتَّقونَ } فيكون منصوبا، أو مرفوعا على المدح، أعنى الذين، أو هم الذين، أو نعت لأولياء، وعلى أنهم غير الأولياء المذكورين يكون مبتدأ خبره { لَهم البُشْرى } وقيل { الذين آمنوا وكانوا يتقون } بيان لتوليهم الله، وقوله { لهم البشرى } { فى الحَياةِ الدُّنيا وفى الآخرةِ } بيان لتوليه إياهم، أما البشرى فى الدنيا فهى تبشيرهم فى القرآن، وأمره الله بتبشيرهم، مثلإن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم } الخ وإن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا } الخوبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار } وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيراً } وعلى لسان نبيه عموما وخصوصا وتبشير الملائكة لهم بالجنة عند الموت، وفى الرؤيا الصالحة، وفيما بمنح لهم من المكاشفة، وفى الثناء عليهم من غير تعرضهم له، بل يخلصون لله ويخافون، فيضع الله لهم المحبة فى قلوب الخلق، ويفيض نور قلوبهم على وجوههم، وفى حديث عن أبى ذر " إن ذلك عاجل بشرى المؤمن ". وروى أبو الدرداء، وعبادة بن الصامت، وعمران بن حصين، وابن عباس، وأبو هريرة، وابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2