الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنهُمْ مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي ٱلْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ }

{ ومِنْهم مَنْ ينْظُر إليْك } بعينيه، ويشاهد بهما دلائل النبوة والصدق، ولكن لا يؤثر ذلك فى قلبه، ولا يصدق به، فهو كمن لم ينظر، ولذلك قال { أفأَنْتَ تَهْدى العُمْى } بأن تجعل فى عيون وجوههم نورا يهتدون به حيث ساروا. { ولَوْ كانُوا لا يُبصِرُونَ } أى الآية لهم يعقلون بها الهدى، فذلك بمنزلة لا يعقلون، عدل عنه لئلا يتكرر، لا يقدر على ذلك، فكذلك لا تقدر على تأثير ذلك فى قلب من ذكر، والواو الداخلة على لو فى الموضعين للحال، شبههم بمن هو أصم وأعمى، والحال أيضا أنه لا عقل لهم، فإن الأصم العاقل قد يتفرس بما رأى بعينه، أو بدوى صوت ما إذا وقع فى صماخه، والأعمى العاقل ينتفع بما يسمع. ويجوز أن يراد بالصم والعمى هؤلاء المكذبون، فكأنه قيل أفأنت تسمعهم سماع قبول ولو كانوا لا يعقلون، أفأنت تهديهم إلى الحق ولو كانوا لا يبصرون، فوضع الظاهر موضع المضمر، ليدل على أنهم لا ينتفعون بسمعهم ونظرهم، وعلى هذا فالجمع فى قوله { العُمْى } نظر إلى معنى مَنْ فى قوله { مَنْ ينظر } بعد مراعاة لفظها فى ينظر، وذلك فى المعنى، تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعليل لقولهفقل لى عملى } الخ أى أعرض عنهم، فإن كلامك لا يؤثر فيهم، ولما كان ذلك موجبا لعذابهم، ذكر أنهم استوجبوه بأفعالهم التى أتوها اختبارا منهم، لا بظلم من الله تعالى عنه فقال { إنَّ الله لا يظْلمُ النَّاس شَيئاً }.