الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ قُلِ ٱللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيۤ إِلاَّ أَن يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ }

{ قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائكُم } أوثانكم { مَنْ يَهْدى } بنصب الحجج، وإرسال الراسل، والتوفيق للنظر والتدبر { إلَى الحقِّ } وعربت الهداية بإلى لتضمنها معنى الإنهاء والإيصال، وتقدر أيضا باللام، لدلالتها على أن المنتهى غاية للهداية، ولكون أصل اللام للملك، والهداية ملك لله كما قيل، ولم يرد القائل أن اللام للملك، لأن اللام لم تدخل على اسم من ملك الهداية فيما فيه البحث على العموم، ولم توضع إلى لذلك، ولكنها قد تستعمل فيه عروضا وموافقة، وإنما وضعت للغاية، بخلاف اللام فإنها تدل بالوضع على أن المنتهى غاية الهداية، ولذى عدى بها ما أسند إلى الله تعالى فى قوله { قُلِ اللهُ يَهْدِى للحقِّ } لا بإلى، وأما { أفمَنْ يَهْدى إلَى الحقِّ } فإنه ولو عدى فيه بإلى فيما أسند إلى الله، لأنه هو من يهدى إلى الحق، لكنه ليس بصريح، بخلاف { قُلِ اللهُ يهدى للحق } كذا قال شيخ الإسلام تصحيحا لكلام القاضى، والحق عندى أن تعدية الهداية بإلى واللام لغتان، واللام بمعنى إلى، فكأنه قيل قل الله يهدى إلى الحق، أفمن يهدى غيره إلى الحق. { أحقُّ أنْ يتَّبعَ أمَّن } عطف على من { لا يَهدِّى } لا يهتدى، فضلا عن أن يهدى غيره، وأصله يهتدى، أبدلت التاء دالا، ونقلت فتحتها للهاء، وأدغمت الدال فى الدال، وذلك رواية ورش، وقالون، عن نافع، وفى رواية عن قالون عنه اختلاس فتحة الهاء، وهو رواية عن أبى عمرو، وابن جماز، وبإخلاص الفتح قرأ ابن عامر، وأبو جعفر، بخلاف عن ابن جماز كرواية ورش. قال الإمام الأندلسى أبو عمرو الدانى النص عن قالون بإسكان الهاء، وكذا نسب القاضى إلى أبى عمرو، ونافع فى رواية عنه، ولم يباليا بالتقاء الساكنين، لأن المدغم فى حكم المتحرك، وكذا روى عن أبى جعفر، والأعرج، ونص الدانى قبل ذلك، على أن قالون وأبا عمرو يخفيان حركة الهاء وهو الاختلاس، وقد ذكر اليزيدى، أن أبا عمرو يسم الهاء شيئا من الفتح، فلعل النص عن قالون، والرواية عن أبى عمرو وغيرهما بالإسكان، مراد بهما الاختلاس أو الإشمام لقربهما من السكون، وقرأ حفص بكسر الهاء، كأنه حذف فتح التاء حذفا أو أراد الإبدال والإدغام والهاء ساكنة فكسرها، لئلا يلتقى ساكنان، وكذا قرأ يعقوب، وكسر أبو بكر الهاء لذلك، والباء موافقة للهاء، وكل ذلك من الاهتداء، وقرأ حمزة والكسائى بفتح الياء وإسكان الهاء وتخفيف الدال من هدى الثلاثى اللازم بمعنى اهتدى. { إلا أنْ يُهْدى } وقرأ يحيى بن الحارث الذمارى، بتشديد الدال وفتح الهاء والياء، وذلك مبالغة، ومعنى اهتداء الشركاء إذا هديت وهو المراد بقوله { أمن لا يهدِّى إلا أن يهدى } انتقالها إذ نقلت، وتجردها عن وسخ ونحوه، والوقوع فى هوة، وتكسر إذا جردت وأنفذت، أو معناه أنها لا تهتدى إلى الحق إلا إن علمتموها، فبتعليمكم تهتدى، وهذه مجاراة لهم فى تنزيلها منزلة من يعقل ويسمع، أو أنها لا تهتدى إلى النطق والتسبيح، إلا أن خلق الله فيها قوة ذلك، وليس من شأنها قبل أن يخلق فيها تلك القوة النطق والتسبيح، ومن ذلك نطقها يوم القيامة بإنكار عبادتهم لها، ويجوز قبل أن يكون المراد بالشركاء فى قوله { قل هل من شركائكم من يهدى إلى الحق } رؤساء الكفر، فإنهم لا يهدون غيرهم، ولا يهتدون، إلا إن هداهم الله، أو المراد إشراف الشركاء كالملائكة وعزير، وعيسى لا يهدون غيرهم إلا أن هداهم الله إلى هداية غيرهم، وهذا إنما يأتى على قراءة، أم من لا يهدى بإسكان الهاءين باء مفتوحة ودال مكسورة مخففة.

السابقالتالي
2