الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ }

{ قلْ مَنْ يرْزقُكُم } استفهام تقرير { مِنَ السَّماءِ والأرْضِ } أى من مجموعها، فإن الرزِّق يتحصل بأسباب سماوية، كالماء وحرارة الشمس، والمواد الأرضية كالقوة المنبتة، وكآلات الحديد المتخذة فيها للحرث، وكالنبات الذى تأكله الأنعام والوحش، وتأكلونها، أو المعنى قل من بلغ من لطفه وسعة رحمته، أن أفاض عليكم الرزق من السماء ومن الأرض كلتيهما لا من إحداهما فقط، ومن على الوجهين للابتداء، وقيل بتقدير مضاف، أى من يرزقكم من أهل السماء والأرض، فتكون من للبيان متعلقة بمحذوف حال من المستتر فى يرزق، ولا إشكال فى هذا خلافاً لمن توهم. ويكتب { قل من يرزقكم } إلى { أفلا تتقون } فى ورقة طومار، وحرز عليها خرقة زرقاء، وعلقها على عضده تسهلت عليه أسباب الرزق، وفى قشر قرع حلو، وعلقها على عضد المرأة اليمنى فتسهل ولادتها، وفى قصبة بماء كراث قبطى، ويمحوه بعسل منزوع الرغوة، ويعقده على النار، ويقطر منه فى الأذن الوجيعة ثلاث قطرات فتبرأ إن شاء الله. { أمَّنْ يملكُ السَّمعَ } أل للاستغراق، أى الأسماع والأبصار، أى من يستطيع خلقها كما هى، أو من يحفظها مع كثرتها وطول الزمان، وتضررها بأدنى شئ، أو من هى فى قبضته يبقيها لمن شاء، ويذهبها عمن شاء { ومَنْ يُخْرجُ الحىَّ } كالإنسان والأنعام والطير والنبات { مِنَ الميِّتِ } كالنطفة والبيضة، والأرض والحبة { ويُخْرجُ الميِّتَ } كالنطفة والبيضة، والأرض والحبة { مِنَ الحىِّ } كالإنسان والأنعام والطير، بل البيضة أيضا من النطفة، قال الحسن يخرج المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن، وهو ضعيف عندى، لا يقبله السياق، لأنه لا يليق به قوله { فسيقولون الله } لأنهم لا يقرون أن الإيمان كالحياة، والكفر كالموت. { ومَنْ يُدبِّر الأمْرَ } من يحكم أمور الخلق كلها، ويعلم عاقبتها، ويوجدها على مصلحة واستقامة، وهذا عموم بعد خصوص { فسَيقُولونَ } فاعل ذلك كله { اللهُ } لا غيره، إذ لا يمكنهم العناد فى ذلك، والفاء للاستئناف أو لعطف الأخبار على الطلب، وهو قل، والأول أولى { فقُلْ } جواب لمحذوف، أى إذ قالوا ذلك فقل لهم { أفلا تتَّقونَ } الفاء عاطفة على قولهم فاعل ذلك هو الله، والهمزة من جملة المعطوف، تقدمت على العاطف، أو الفاء عاطفة على مقدر بعد الهمزة، أى أتقرون بذلك فلا تتقون، والمراد اتقاء ما يوجب سخط الله وعقابه من شرك ومعصية.