الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَٱخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }

{ وما كانَ النَّاسُ إلا أمةً واحِدةً } على الإسلام، وذلك على عهد آدم عليه السلام { فاخْتلفُوا } إسلاماً وكفراً حين قتل قابيل هابيل ظلماً، وذلك أيضا على عهد آدم، وقيل كانوا أمة متفقة على الإسلام إلى زمان نوح عليه السلام، فاختلفوا فبعثه الله تعالى، ولا يرد على هذا ذكر قابيل ونحوه من الشواذ. وقيل المراد أنهم فى سفينة نوح، وبعد الخروج منها أمة متفقة على الإسلام، واختلفوا بعد ذلك، وذكر بعضهم أن المراد أنهم العرب، كانوا على الإسلام من لدن إبراهيم الخليل، إلى أن غيره عمرو بن يحيى أبو خزاعة، رحل إلى الشام، فرأى العماليق يعبدون الأصنام، فأعجبه ذلك فقال ما هذه الأصنام التى أراكم تعبدونها؟ قالوا هذه أصنام نستمطرها فتمطرنا، ونستنصرها فتنصرنا، فقال أعطونى منها صنما أسير به إلى أرض العرب فيعبدونه، فأعطوه صنما يقال له هبل، فنصبه بمكة، وأمر بتعظيمه وعبادته. وقيل إن أول ما كانت عبادة الأحجار فى بنى إسماعيل، كانوا لا يظعنون عن مكة فضاقت فتفرقوا فى البلاد، وما ظعن منها أحد إلا حمل معه حجراً من الحرم تعظيماً له، فحيث ما نزل وضعه وطاف به كالكعبة، وأفضى ذلك بهم إلى أن عبدوا ما استحسنوا من الحجارة. وقيل المراد أنهم أمة واحدة، حين خرجوا من ظهر آدم كالذر، متفقون على الإسلام، واختلفوا بعد ذلك فى أزمنتهم كفراً إيماناً، وقيل اتفاقهم على الإسلام حين ولادة كل، فإن كل مولود قد ولد على الإسلام حتى يكون أبواه يعلمانه الضلال، وقيل المراد اتفاقهم على الكفر حتى بعث الله الرسل بعد الفترة، فاختلفوا فبعض أصر على الكفر، وبعض أسلم، فلا تطمع يا محمد فى أن يكونوا كلهم مؤمنين، فإنهم كانوا أولا على الكفر، والإسلام حادث فيهم، وهذا تسلية، وهذا قول الحسن وطائفة، وقيل الأمة الواحدة آدم، وقيل آدم وحواء. { ولَوْلا كَلمةٌ سبقَتْ } نعت لا خبر، وأجاز بعضهم ذكر الخبر بعد لولا إذ كان كونا خاصا، وحذفه إذا دل عليه دليل، وأوجب ذكره إن لم يدل عليه، فعلى هذا يجوز كون سبقت خبراً { مِنْ ربِّك } إن رحمتى سبقت غضبى، أو إن الحكم بينهم يوم القيامة لا قبله، أو إن الثواب والعقاب فيه لا قبله. { لقُضِىَ بيْنَهُم } حكم بينهم فى الدنيا بإهلاك المبطل وإبقاء المحق، أو بإدخاله النار، والمحق الجنة { فِيما فيهِ يخْتلفُون } من الدين، وقرأ عيسى بن عمرو لقضا بالألف بعد الضاد، وفتح القاف والضاد.