الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

{ دَعْواهُم } أى دعاؤهم قاله سيبويه، وقيل كلامهم، وقيل طلبهم لما يشتهون { فيها سُبْحانك اللَّهم } أى نزَّهناك يا ألله عن كل سوء تنزيها. روى أن أهل الجنة إذا اشتهوا الطعام قالوا سبحانك اللهم فتأتيهم الخدم بما يشتهون على الموائد، كل مائدة ميل فى ميل، على كل مائدة سبعون ألف صحيفة، فى كل صحيفة لون من الطعام لا يشبه بعضها بعضاً، قيل ذلك علامة بينهم وبين الخدم. روى أنهم يقولون ذلك على طائر ما أرادوا، فيحضر على حال يردونها وفوقها، ويخرج طعامهم جشاء وعرقاً، يفوحان كالمسك، ويجوز أن يراد بدعواهم عبادتهم كما قال { ادعوه } بمعنى اعبدوه، كأنه قيل عبادتهم فيها سبحانك اللهم، كقولهوما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء } أى قولهم ذلك كالعبادة، وليس بعبادة تكليف، ولا تكليف فى الجنة، بل يلهمون التسبيح والحمد، كما يلهمون النفَس، وفى ذلك كمال لذاتهم وسروهم. { وتحيَّتهُم } فيما بينهم، أو تحية الملائكة، أو الله بواسطة الملائكة لهم، فعلى الأول الإضافة إضافة مصدر لفاعله أو مفعوله، وعلى الثانى والثالث إضافة مصدر لمفعوله، والتحية مأخوذة من معنى الحياة والدعاء بها { فِيها سَلامٌ } هو من السلامة مما يكرهون، أى يقول بعض لبعض، أو يقال لهم سلام عليكم. { وآخرُ دَعْواهم أن الحمْدُ لله ربِّ العَالمينَ } يلهمون ذلك إلهاماً كما مر، أو إذا قالوا سبحانك اللهم أتى بما يشتهون، وإذا أكلوا حمدوا الله فيرفع الطعام، وعن الزجاج يبتدئ أهل الجنة بتعظيم الله وتنزيهه، ويختمون بالثناء عليه والشكر، وقيل يفتتحون كلامهم بالتسبيح، ويختمونه بالحمد، أو إذا دخلوها وعاينوا عظمة الله سبحانه وتعالى نعتوه بنعت الجلال، ثم تحييهم الملائكة أو الله بالسلامة عن الآفات، والفوز بالكرامات، فيثنون عليه بصفات الإكرام، وأن مخففة من الثقيلة، وقد قرأ ابن محيصن، ويعقوب، وأبو حيوة بالتشديد، ونصب الحمد وهى دليل على أنها مخففة فى قراءة الجمهور، وليست مفسرة لعدم تقدم الجملة، ولو تقدم معنى القول وهو آخر دعواهم، فإن الدعوة قول، وآخر القول قول.