قوله: { المُنَافِقُونَ وَالمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ } أي في الألفة والاجتماع على معاصي الله { يَأْمُرُونَ بِالمُنكَرِ } وهو كل ما يعرف العباد جوره. { وَيَنْهَوْنَ عَنِ المَعْرُوفِ } وكل ما يعرف العباد عدله فهو معروف. وقال بعضهم: { يَأْمُرُونَ بِالمُنكَرِ } أي بالكفر، وهو النفاق. { وَيَنْهَوْنَ عَنِ المَعْرُوفِ } وهو الإِيمان، أي: عن العمل بالصالحات، وهي الإِيمان، وهذا يرجع إلى التأويل الأول، وهو واحد. { وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ } أي عن النفقة في سبيل الله وعن الزكاة. وقال مجاهد: لا يبسطونها بالنفقة في الحق. وقال بعضهم: لا يبسطونها إلى الخير. قال: { نَسُوا اللهَ } أي: تركوا فرائض الله فلم يكملوها ولم يعملوا بجميعها. { فَنَسِيَهُمْ } أي فتركهم كمن ليس مذكوراً. وقال بعضهم: { فَتَرَكَهُمْ } أي: لم يذكرهم بما يذكر به المؤمنين أهل الوفاء والصدق من الخير. { إِنَّ المُنَافِقِينَ هُمُ الفَاسِقُونَ } يعني فسق النفاق، وهو فسق دون فسق، وفسق فوق فسق. قوله: { وَعَدَ اللهُ المُنَافِقِينَ وَالمُنَافِقَاتِ } أهل الإِقرار بالله والنبي والكتاب. { وَالكُفَّارَ } أهل الإِنكار والجعود. { نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا } لا يموتون ولا يخرجون منها. { هِيَ حَسْبُهُمْ } جميعاً: المشركين والمنافقين. كقوله:{ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا } [المجادلة:8] { وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } أي: دائم في الآخرة. قال: { كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } يعني من الكفار { كَانُوا أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً } يقول: لعنهم وأهلكهم وأوجب لهم النار. يقول: فسيعذبكم كما عذب الذين من قبلكم من الكفار، يعني الذين تقوم عليهم الساعة الدائنين بدين المشركين أبى جهل وأصحابه. قال: { فَاسْتَمْتَعُواْ بِخَلاَقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلاَقِكُمْ } قال الحسن: أي بدينكم { كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ } أي: بدينهم { وَخُضْتُمْ } في الكفر والتكذيب. رجع بهذا كله إلى كفار قريش دون المنافقين. وخضتم في الكفر { كَالَّذِي خَاضُوا أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالأَخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ } جميعاً من الماضين والباقين { هُمُ الخَاسِرُونَ }. وقال الكلبي: { فَاسْتَمْتَعْتُم } في الدنيا بنصيبكم من الآخرة { كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُم } في الدنيا بنصيبهم من الآخرة.