ثم قال للمؤمنين { لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلاَلَكُمْ } أي: مشوا بينكم بالنميمة والكذب. { يَبْغُونَكُمُ الفِتْنَةَ } أي: يبغون [أَنْ تَكُونُوا مُشْرِكِين و] أن يظهر عليكم المشركون، وظهور الشرك فتنة. { وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ } أي للمشركين، يعني المنافقين؛ إنهم عيون للمشركين عليكم، يسمعون أخباركم فيرسلون بها إلى المشركين، في تفسير الحسن. { وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ } أي من المشركين والمنافقين جميعاً، وهو ظلم فوق ظلم وظلم دون ظلم. قوله: { لَقَدِ ابْتَغَوُا الفِتْنَةَ } أي الشرك { مِن قَبْلُ } أي من قبل أن تهاجروا { وَقَلَّبُوا لَكَ الأُمُورَ } وهو قوله عزّ وجلّ{ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ } [الأنفال:30] وقوله:{ أَمْ أَبْرَمُواْ أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } [الزخرف:79]، وهو اجتماع المشركين في دار الندوة يتشاورون في أمر النبي. وقد فسَّرنا ذلك في سورة الأنفال. وقال الحسن: { لَقَدِ ابْتَغَوُا الفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الأُمُورَ }: أي القتل قبل أن تقدم المدينة، يعني المنافقين. قال: { حَتَّى جَاءَ الحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ } أي دين الله { وَهُمْ كَارِهُونَ } أي لظهوره. { وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي } يا محمد أُقِم في أهلي { وَلاَ تَفْتِنِّي } أي بالنساء فافتتن بهن. وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اغزوا تبوك تغنموا من بنات الأصفر " ، أي بنات الروم، فقال المنافقون: إيذن لنا ولا تفتنا بالنساء فنفتتن. قال بعضهم: هو عبد الله بن أبي السلولي. قال الله: { أَلاَ فِي الفِتْنَةِ سَقَطُوا } أي في الهلكة، وهو الكفر، سقطوا، أي وقعوا. { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ } جميعاً، من كافر مشرك، أو كافر منافق. كقوله:{ إِنَّ اللهَ جَامِعُ المُنَافِقِينَ وَالكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً } [النساء:140]. وكقوله:{ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً } [الإِسراء:8] أي: سجنا. وكقوله:{ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا } [الكهف:29] أي: سورها.