قال: { الَّذِينَ ءَامَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللهِ } ممن أقام على السقاية وعَمَر المسجد الحرام. { وَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَائِزُونَ } أي: الناجون من النار إلى الجنة. { يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا } أي: في الجنة { نَعِيمٌ مُّقِيمٌ } أي: دائم لا يزول. { خَالِدِينَ فِيهَا } أي في الجنة { أَبَداً } أي: لا يموتون ولا يخرجون منها { إِنَّ اللهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ }. قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا ءَابَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ } أي لا تتولوهم على معاصي الله { إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ } أي إن اختاروا الكفر على الإِيمان { وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ } أي من المؤمنين على الكفر { فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }. يقول: من تولى مشركاً فهو مشرك، ومن تولى منافقاً فهو منافق، وهو بولايتهما جميعاً ظالم، وهو ظلم فوق ظلم، وظلم دون ظلم. وهو كقوله:{ لاَ تَتَّخِذُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمُ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ } [المائدة:51] أي لا يكونون بظلم الشرك والنفاق مهتدين عند الله. قوله: { قُلْ إِن كَانَ ءَابَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ } قال الحسن: الغنيمة. وقال مجاهد: فتح مكة. { وَاللهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ }. قال بعضهم: الفاسقون ها هنا المشركون الذين يموتون على شركهم. وقال بعضهم: الآية جامعة محتملة لفسق الشرك والنفاق، يقول: { وَاللهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ } أي لا يكونون بالفسق مهتدين عند الله، من فاسق مشرك أو منافق؛ وهو فسق فوق فسق، وفسق دون فسق.