الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوۤاْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }

قوله: قوله: { وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً } أي جميعاً. قال الحسن: فَيُعْروا مقامَ رسول الله. { فَلَوْلا } أي: فهلاَّ { نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ } أي: من الكفار { إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ } فيخبروهم بنصر الله النبيِّ والمؤمنين، ويخبروهم أنهم ليس لهم بقتال النبي طاقة { لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ } أي لا ينزل بهم ما نزل بغيرهم من القتل والسبإ والغنيمة، فيؤمنوا.

وقال بعضهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رجع من تبوك، وقد أنزل الله في المنافقين الذين تخلّفوا عنه ما نزل، قال المؤمنون: لا والله، لا يرانا الله متخلفين عن غزوة غزاها رسول الله أبداً ولا عن سرية. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم السرايا، أن تخرج. فنفر المسلمون من آخرهم، وتركوا نبيَّ الله عليه السلام وحده، فأنزل الله عزّ وجلّ: { وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً } أي جميعاً، فيتركوك وحدك بالمدينة. { فَلَوْلاَ } ، أي: فهلا، { نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ [أي ليتفقه المقيمون] { وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ } ، أي من غزاتهم، { لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ } ، أي لِيُعْلِم المقيمُ الغازيَ، إذا رجع، ما نزل بعده من القرآن.

وقال بعضهم: إن أحياء من بني أسد بن خزيمة أقحمتهم السنة إلى المدينة، فأقبلوا معهم بالذراري، فنزلوا المدينة، فغلوا أسعارها، وأفسدوا طرقها، فنزلت: { وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }.

وقال مجاهد: إن أناساً من أصحاب النبي عليه السلام كانوا خرجوا إلى البوادي، فأصابوا من الناس معروفاً، ومن الخصب ما ينتفعون به، ودعوا من لقوا من الناس إلى الهدى؛ فقال لهم الناس: ما نراكم إلا قد تركتم صاحبكم وجئتمونا. فوجدوا في أنفسهم من ذلك تحرّجاً، وأقبلوا من البادية حتى دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال الله: فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة، أي: بعض، وقعد بعض يبتغون الخير، ليتفقهوا، أي ليستمعوا ما في الناس وما أنزل بعدهم، ولينذروا قومهم، أي الناس كلهم.