الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { إِذْ يُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن ٱلسَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ ٱلأَقْدَامَ }

قوله: { وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلاَّ بُشْرَى } أي ما جعل المدد من الملائكة إلا بشرى { وَلِتَطْمَئِنَّ } أي [لتسكن] { بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } أي عزيز في نقمته، حكيم في أمره.

قوله: { إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ } أي: أماناً منه. قال الحسن ومجاهد: أماناً من الله. { وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ } أي يطهّر ما في قلوبكم من الخوف { وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ } أي ترهيب الشيطان الذي كان دخل قلوبكم في تفسير الحسن: { وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ }. فأنزل الله ذلك الماء على المسلمين. فاذهب الله ما في قلوبهم مما كان أوقع الشيطان في قلوبهم من تخويفه.

وقال بعضهم: ذكر لنا أنهم مطروا يومين حتى سال الوادي ماء واقتتلوا على كثيب أعفر، فلبّده الله بالماء، وشرب المسلمون، وتوضأوا، واستقوا، وأذهب الله عنهم وساوس الشيطان.

قال الكلبي: بلغنا أن المشركين سبقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل حيالهم، وبينه وبينهم الوادي؛ ونزل على غير ماء؛ فقذف الشيطان في قلوب المؤمنين أمراً عظيماً فقال: زعمتم أنكم عباد الله، وعلى دين الله، وقد غلبكم المشركون على الماء، وأنتم تصلّون محدثين مجنبين، فأحبّ الله أن يذهب من قلوبهم رجز الشيطان، فأغشى المؤمنين نعاساً أمنة منه، وأنزل عليهم من السماء ماء ليطهرهم به من الإِحداث والجنابة، ويذهب عنهم رجز الشيطان [أي ما كان قذف في قلوبهم] وليربط على قلوبهم ويثبّت به الأقدام.

وكان بطن الوادي فيه رملة تغيب فيه الأقدام؛ فلما مطر الوادي اشتدت الرملة، فمشى عليها الرجال، واتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حياضاً على الوادي، فشرب المسلمون منها واستقوا، ثم صفّوا. وأوحى { ربك إلى الملائكة أني معكم فثبّتوا الذين ءامنوا... } إلى قوله { واضربوا منهم كل بنان }؛ وهي أطراف الأيدي والأرجل.