الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يٰقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَـٰلَـٰتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ ءَاسَىٰ عَلَىٰ قَوْمٍ كَٰفِرِينَ } * { وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ } * { ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ ٱلسَّيِّئَةِ ٱلْحَسَنَةَ حَتَّىٰ عَفَوْاْ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا ٱلضَّرَّآءُ وَٱلسَّرَّآءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَٰتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ وَلَـٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَٰهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { أَفَأَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَٰتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ } * { أَوَ أَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ } * { أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَاسِرُونَ } * { أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَآ أَن لَّوْ نَشَآءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ }

قوله: { فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ } وهذا بعدما هلكوا { فَكَيْفَ ءَاسَى } أي فكيف أحزن، { عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ } أي لا أحزن عليهم.

قوله: { وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ } البأساء: البؤس والجوع وقحط المطر، والضراء: اللأواء من الأمراض والشدائد. { لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ }.

قال: { ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ } أي مكان البأساء والضراء، وهي الشدة { الحَسَنَةَ } والحسنة ها هنا، الرخاء والعافية. { حَتَّى عَفَواْ } أي حتى كثروا. قال الحسن: سمنوا بعد الجوع، فهو من الكثرة { وَّقَالُوا قَدْ مَسَّ ءَابَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ } أي الشدة والرخاء فلم يكن شيء، يعنون ما كان يعد النبي به قومه من العذاب إن لم يؤمنوا.

قال الله: { فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً } أي فجأة بالعذاب { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ }.

قوله: { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى ءَامَنُوا وَاتَّقُوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ }. قال بعضهم: لأعطتهم السماء قطرها والأرض نباتها. { وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم } بالعذاب { بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } أي: بما كانوا يعملون يعني: يشركَهم.

قوله: { أَفَأَمِنَ أَهْلُ القُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا } أي عذابنا { بَيَاتاً } أي: ليلاً { وَهُمْ نَائِمُونَ أَوَ أَمِنَ أَهْلُ القُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحًى } أي نهاراً، مثل قوله:وَالضُّحَى وَالَّيْلِ إِذَا سَجَى } [الضحى:1-2]. قال: { وَهُمْ يَلْعَبُونَ } أي ليسوا بآمنين من ذلك. وقد كان المشركون يقولون للنبي عليه السلام: إيتنا بعذاب الله.

قال: { أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ } أي إنهم ليسوا بآمنين من ذلك { فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ } أن يمكر بهم فيهلكهم { إِلاَّ القَوْمُ الخَاسِرُونَ }. وهو قوله: ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس ءَابَاءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون هكذا مكره بهم.

قوله: { أَوَ لَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ } وهي تقرأ على وجهين: { يَهْدِ } و { نَهْدِ }. فمن قرأها { نَهْدِ } فيقول نُبين. ومن قرأها { يَهْدِ } فيقول: يبيّن الله للذين يرثون الأرض. { مِن بَعْدِ أَهْلِهَا } أي الذين هلكوا من الأمم السالفة { أَن لَّوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ } فأهلكناهم بالعذاب كما أهلكنا من كان قبلهم حين كذّبوا رسلهم. { وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } أي لو شئنا أصبناهم بذلك.