قال: { فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ } أي: [قولهم] إذ جاءهم بأسنا، أي عذابنا { إِلاَّ أَن قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ }. قال بعضهم: لم يكن لهم هجّيري حين جاءهم العذاب إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين. كقوله في سورة الأنبياء: { وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً } ، أي مشركة، يعني أهلها، إلى قوله...:{ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ } [سورة الأنبياء:10-15] أي لم يكن لهم هجِّيري (إِلاَّ أَن قَالُوا: يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ). قال: الهجّيري: الذي يلزمه الرجل يردده. ذكروا عن الحسن أنه كانت هجيراه سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده. وكانت هجّيري بعضهم: { أَلاَ إِلَى اللهِ تَصِيرُ الأُمُورُ }. يعني بهجِّيراهم أنه لم يكن لهم قول حين جاءهم العذاب { إِلاَّ أَن قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ }. قال الحسن: فَمَا كَان دَعْوَايهُمْ، أي ما دعوا به حين جاءهم العذاب إلا أن قالوا: يا ويلنا إنا كنا ظالمين. فاقرّوا بالظلم على أنفسهم ونادوا بالتوبة حين لم تنفعهم التوبة. قال: فهي مثل قوله:{ فَنَادَوْا وَلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ } [سورة ص:3] أي ليس حين نزو ولا فرار. وكقوله:{ وَقَالُوا ءَامَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ } [سورة سبأ:52-53]، وأنّى لهم التَّناوُش، أي وأني لهم الرّدّ إلى الدنيا، أي فيؤمنوا، فهذا تفسير ابن عباس. وقال الحسن: التَّناوُش: الإِيمان، أي: وكيف لهم بالإِيمان وقد جاءهم العذاب. قوله: { فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ } ، كقوله:{ يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ } [المائدة:109] أي ماذا أجابكم قومكم.