ثم ابتدأ الكلام فقال: { وَلَقَدْ جِئْنَاهُم } يعني المشركين { بِكِتَابٍ } يعني القرآن ومعنى جئناهم أي: جاءتهم به الرسل، إنه جاءهم به، أي فجعل ما جاءتهم به الرسل أنه جاءهم به، أي بالرسل والكتاب { فَصَّلْنَاهُ } أي بيَّنّا فيه الحلال والحرام، والأمر والنهي، والوعد والوعيد والأحكام { عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُّؤْمِنُونَ } أي هدى يهتدون به طريق الجنة. ثم قال: { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ } أي ثوابه في تفسير الحسن وغيره. وقال مجاهد: جزاءه، وهو واحد. قال: { يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ } أي ثوابه والجزاء به [في الآخرة { يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ } أي الذين تركوه { مِن قَبْلُ } أي في الدنيا. أي: اعرضوا عنه. والإِعراض من وجهين: أحدهما لم يؤمنوا به، والآخر لم يعملوا بفرائضه وأحكامه. وهذا إعراض المنافقين. كقوله:{ وَيَقُولُونَ ءَامَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم } [النور:47] أي عن العمل بما أقروا به والاستكمال لما عاهدوا عليه{ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ } [النور:48] أي عن استكمال الفرائض التي أقرّوا بها. { قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالحَقِّ } إذ نحن في الدنيا فآمنوا حيث لا ينفعهم الإِيمان. { فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا } أن لا نعذب { أَوْ نُرَدُّ } إلى الدنيا { فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ } سألوا الله أن يَرُدُّهُم إلى الدنيا فيعملوا بالإيمان ويكملوا الفرائض. قال الله: { قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ } فصاروا في النار { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ } أي أوثانهم التي عبدوها فلم تغن عنهم شيئاً.