الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱكْتُبْ لَنَا فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي ٱلآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـآ إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِيۤ أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَآءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَـاةَ وَٱلَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ } * { ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَٱلأَغْلاَلَ ٱلَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }

قوله: { وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الأَخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ }. قال مجاهد: إنا تبنا إليك. { قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ } يعني النار.

قال: { وَرَحْمَتِي } يعني الجنة { وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } يعني أهلها. وهذا الحرف من خفي القرآن.

قال بعضهم: لما نزلت هذه الآية تطاول لها إبليس والأبالسة وقالوا: إنا من ذلك الشيء، وطمع فيها أهل الكتابين والمنافقون، فقال الله: { فَسَأَكْتُبُهَا } أي فسأجعلها { لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ } قال بعضهم: يتقون الشرك. وقال بعضهم... { وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ }. قال بعضهم: الزكاة في هذا الموضع التوحيد؛ كقوله:وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ } [فصلت:6-7] أي لا يوحّدون الله ولا يُقِرّون به. { وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ } أي يصدّقون.

{ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ } يعني أهل الكتاب. { يَأْمُرُهُم بِالمَعْرُوفِ } أي ما يعرف العباد عدله { وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنكَرِ } أي ما ينكر العباد عدله. { وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتُ } أي الحلال منه والشحوم وكل ذي ظفر { وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ } أي الحرام. { وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ } وهي تقرأ على وجهين: إصرهم وآصارهم. فمن قرأها إصرهم فيقول عهدهم، ومن قرأها آصارهم فيعني عهودهم فيما كان حرم عليهم ببغيهم، أي بكفرهم. { وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ } يعني ما كان شدد عليهم فيه؛ فأمرهم الله أن يؤمنوا بمحمد عليه السلام ويتبعوا ما جاء به.

وقال بعضهم في قوله: { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } فقال إبليس: أنا من ذلك الشيء، فأنزل الله: { فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ }. ثم زاد في نعتهم ليبينهم الله ممن سواهم فقال: { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ... } إلى آخر الأية.

وقال: { فَالَّذِينَ ءَامَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ } [أي عظموه] { وَنَصَرُوهُ } وهو كلام مثنى { وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ } وهو القرآن، فأحلّوا حلاله، وحرّموا حرامه، وعمِلوا بفرائضه، وانتهوا عن زواجره { أُوْلَئِكَ } أي: الذين هذه صفتهم، { هُمُ المُفْلِحُونَ } أي: هم السعداء؛ أولئكَ الذين جعلت رحمتي لهم، فأيس منها إبليس وجميع جنوده، وجميع الكفاركَمَا يَئِسَ الكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ القُبُورِ } [الممتحنة:13].