قوله: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً } وهذا على الاستفهام، يقول: لا أحد أظلم منه { أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللهُ }. قال بعضهم: نزلت في مسيلمة الكذاب، وهو قول الحسن. ذكر بعضهم قال: ذكر لنا أن نبي الله قال: " رأيت فيما يرى النائم أن في يدي سوارين من ذهب فكبُرا علي وأهمَّاني. فأوحى الله إلي أن أنفخهما فنفختهما، فطارا فأولتهما في منامي الكذابين اللذين أنا بينهما: كذاب اليمامة مسيلمة، وكذاب صنعاء العنسي " وكان يسمّى الأسود. وذكر الحسن أن مسيلمة كان قاعداً عند النبي، فلما قام قال النبي عليه السلام هذا سقب هلكة لقومه. قوله: { وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالمَلاَئِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهُونِ }. ذكر بعض أصحاب النبي قال: هذا عند الموت، يقبضون روحه ويعدونه بالنار ويشدد عليه، وإن رأيتم أنه يهون عليه. ويقبضون روح المؤمن ويعدونه بالجنة، ويهون عليه، وإن رأيتم أنه يشدد عليه. وقال الحسن: هذا في النار، يقال لهم: أخرجوا أنفسكم إن استطعتم لأنهم يتمنون الموت ولا يموتون. كقوله:{ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ } [إبراهيم:17] قوله عذاب الهون أي: الهوان. قوله: { بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الحَقِّ } كقوله:{ وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللهُ مَن يَمُوتُ } [النحل:38]. قال: { وَكُنتُمْ عَنْ ءَايَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ } أي في الدنيا. قوله: { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } أي خلقنا كل إنسان فرداً ويأتينا يوم القيامة فرداً { وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ } أي ما أعطيناكم من مال وخول { وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ } أي في الدنيا. قوله: { وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ } يعني بالشفعاء ما قال المشركون في آلهتهم:{ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى } [الزمر:3] أي في أمر الدنيا، في صلاحهم فيها ومعايشهم، وليس يقرّون بالآخرة. { الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ } أي أنهم شركاء لله فيكم فعبدتموهم من دون الله. قال: { لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } قال مجاهد: وصلكُم. وقال الحسن: الذي كان يواصل به بعضكم بعضاً على عبادة الأوثان، يعني الوصلَ نفسه. وهذا تفسير من قرأها بالرفع. ومن قرأها بالنصب { لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } أي ما بينكم من المواصلة { وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } أي أنها تشفع لكم، كقوله:{ هَؤُلاَءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللهِ } [يونس:18].