قوله: { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا } بالنبوّة { وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ } أي من قبل إبراهيم. قوله: { وَمِن ذُرِّيَّتِهِ } أي ومن ذرية نوح هدينا { دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ وَإِسْمَاعِيلَ وَاليَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى العَالَمِينَ } أي: على عالم زمانهم. { وَمِنْ ءَابَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ } أي استخلصناهم للنبوّة { وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } أي: إلى الجنة. { ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ }. { أُوْلَئِكَ الَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ وَالحُكْمَ } يعني الفهم والعقل { وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاَءِ } يعني المشركين { فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا } أي بالنبوّة { قَوْماً لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ } يعني النبيين الذين ذكر. وقال بعضهم: { فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاَءِ } يعني أهل مكة { فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا } أي بالنبوّة { قَوْماً لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ } يعني أهل المدينة. { أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ } يعني النبيين الذين قصّ الله { فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } يا محمد. { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ } أي: على القرآن { أَجْراً إِنْ هُوَ } أي القرآن { إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ }. قوله: { وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ } أي وما عظّموا الله حقّ عظمته، يعني المشركين { إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ } ، يعني المشركين في تفسير بعضهم. وقال الحسن: هم اليهود، كانوا يقولون: هؤلاء قوم أميّون، يعنون النبي وأصحابه، ولَبِسوا عليهم فكانوا يقولون، أي يقول بعضهم لبعض: { ءَامِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُوا } ، أي بمحمد { وَجْهَ النَّهَارِ } أي أول النهار{ وَاكْفُرُوا ءَاخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [آل عمران:72]، أي إلى دين اليهود، وقد فسّرناه في سورة آل عمران. ثم قالوا: { مَا أَنزَلَ اللهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ } فقد كانت الأنبياء تجيء من عند الله فلم تكن تجيء بالكتاب، فأين جاء محمد بهذا الكتاب؟ قال الله لمحمد عليه السلام. { قُلْ } لهم { مَنْ أَنزَلَ الكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ } أي: لمن اهتدى به { تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ } مقرأ الحسن على التاء. { تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً } والقراطيس الكتب التي كتبوا بأيديهم بما حرّفوا من التوراة. { وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُوا أَنتُمْ وَلاَ ءَابَاؤُكُمْ } يقول: علّمتم علماً فلم يصر لكم علماً بتضييعكم إياه ولا لآبائكم. { قُلِ اللهُ } الذي أنزل الكتاب { ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ } وهذا قبل أن يؤمر بقتال أهل الكتاب. وقال مجاهد: { وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ } يعني مشركي العرب. { قُلْ مَنْ أَنزَلَ الكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً } وهو مقرأ مجاهد على الياء، يعني أهل الكتاب { وَعُلِّمْتُم } أنتم معاشر العرب { مَّا لَمْ تَعْلَمُوا أَنتُمْ وَلاَ ءَابَاؤُكُمْ قُلِ اللهُ } أنزله. { ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ }.