الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّيۤ أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { وَكَذَلِكَ نُرِيۤ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلْمُوقِنِينَ } * { فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلْلَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لاۤ أُحِبُّ ٱلآفِلِينَ } * { فَلَمَّآ رَأَى ٱلْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلضَّالِّينَ } * { فَلَماَّ رَأَى ٱلشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي هَـٰذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّآ أَفَلَتْ قَالَ يٰقَوْمِ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } * { إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ حَنِيفاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ }

قوله: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَِبِيهِ ءَازَرَ }. قال [مجاهد] آزر الصنم، وأبوه تارح. المقرأ على هذا التفسير استفهام: آزر؟ { أَتتخذ أصناماً ءَآلهة } أي أتتخذه إلهاً؟ ومقرأ الحسن بالرفع؛ آزرُ، يقوله إبراهيم لأبيه؛ أتتخذ أصناماً آلهة.

وبعضهم يقرأها بالنصب ويقول: اسم أبيه آزر؛ يقرأها بغير استفهام في أولها. يقول: وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر، ويستفهم في آخرها. وكذلك استفهام الحسن في آخرها.

قال: { إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } أي بيّن.

قوله: { وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ } [أي مُلْك] { السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ }.

قال بعضهم: ذكر لنا أن إبراهيم فُرَّ بِهِ من جبَّار مُتْرَف، فَجُعِل في سرب وجعل رزقه في أطراف أصابعه، فجعل لا يمصّ إصبعاً من أصابعه إلا وجد فيه رزقاً. وإنه لما خرج من ذلك السّرب أراه الله ملكوت السماوات؛ أراه شمساً وقمراً ونجوماً وغيوماً وخلقاً عظيماً، وأراه ملكوت الأرض؛ فأراه جبالاً وبحاراً وأنهاراً وأشجاراً ومن كل الدواب وخلقاً عظيماً.

وقال مجاهد: { مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } أي: آيات السماوات والأرض.

وقال الكلبي: بلغنا أن إبراهيم وُلد في زمان النمرود الجبّار، وأنه كان مع نمرود كهنةٌ يخبرونه أنه يولد في هذه السنة غلام يفسد آلهة أهل الأرض ويدعو إلى غير دينهم، ويكون هلاك أهل بيته على يده. فقال النمرود: فإن دواء هذا هيّن: أن نعزل النساء عن الرجال، وننظر كل حبلى، فإذا ولدت غلاماً قُتِل، إلى أن تمضي السنة. قالوا: افعل ذلك، وإلا فهو الذي قلنا لك. ففعل النمرود، فعزل الرجال عن النساء، وجعل على كل عشرة وكيلاً أميناً؛ فكان أمين العشرة إذا طهرت امرأة رجل منهم حال بينه وبينها، فإذا حاضت تركها إلى أهلها حتى تطهر. فرجع أبو إبراهيم إلى أهله فوجد امرأته قد طهرت، فواقعها فحملت. فقال الكهان: إن الغلام قد حُمِل به الليلة. قال: فانظروا إلى كل امرأة قد استبان حملها فخلوا سبيلها، وانظروا اللائي يبقين، وكلما ولدت امرأة غلاماً فاقتلوه, فلما دنا وِلاَدُ إبراهيم، وأخذ أمَّه المخاضُ، خرجت هاربة فوضعته في نهر يابس، وألقته في حفرة تحت حلفاء. ثم رجعت إلى زوجها فأخبرته أنها ولدت غلاماً، وأنه في مكان كذا وكذا. فانطلق إليه أبوه فأخذه فحفر له سرباً. فواراه فيه، وسدّ عليه بصخرة مخافة السّباع. وكانت أمه تختلف إليه وترضعه حتى فُطِم وعقل، فقال لأمه: من ربي؟ فقالت: أنا. قال: فمن ربّك أنتِ؟ قالت: أبوك، فقال: فمن ربّ أبي؟، فضربته وقالت له: اسكت، فسكت، فرجعت إلى زوجها فقالت: أرأيت الغلام الذي كنا نَتَحَدَّث به أنه يغيِّر دين أهل الأرض، فإنه ابنك. فانطلق أبوه، فسأله إبراهيم، قال: يا أبت، من ربّي؟ قال: أمك.

السابقالتالي
2