قوله: { وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ } أي عن الهدى فلا يسمعونه { وَبُكْمٌ } عنه فلا ينطقون به { فِي الظُّلُمَاتِ } أي ظلمات الكفر { مَن يَشَإِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } أي الجنة. وقال بعضهم: الكافر أصمّ أبكم لا يسمع خيراً ولا يعقله، ولا يتكلم به ولا يَقْبَلُه. قوله: { قُلْ أَرَءَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللهِ } قال الحسن: يعني عذاب الله بالاستئصال { أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ } أي بالعذاب { أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } على الاستفهام، أي إنكم لا تدعون إلا الله فتؤمنون حيث لا يقبل الإِيمان عند نزول العذاب. قال الله: { فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا } أي عذابنا{ سُنَّتَ اللهِ التِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ } [غافر:85]. قال: { بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيهِ إِن شَاءَ } وهذه مشيئة القدرة، ولا يشاء أن يكشف عنهم عند نزول العذاب. { وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ } بالله من هذه الأوثان. وقال بعضهم: { أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ } أي إذا أصابكم الضرّ في الدنيا. قوله: { وَلَقَدَ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ } والبأساء البؤس، وهي الشدائد من الجدوبة وشدة المعاش. والضراء هي الأذى من الأمراض والأوجاع. قوله: { فَلَوْلاَ } أي فهلا { إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا } أي إنهم لم يتضرعوا. { وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ } أي غلظت قلوبهم فلم يؤمنوا. وهذا الذي كان يصيب الأمم من البأساء والضراء إنما هو شيء يبتليهم الله به قبل العذاب لعلّهم يؤمنون، فإذا لم يؤمنوا أهلكهم الله. قال: { وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }. قال: { فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ } أي ما وُعِظُوا به، أي تركوا ما جاءتهم به الرسل. وفي قول الحسن: أعرضواعما جاءت به الرسل. { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ } أي من الرزق. وقال مجاهد: أبواب كل شيء من رخاء الدنيا. { حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً } أي بالعذاب فجأة. وقال مجاهد: فجأة آمنين وهم لا يشعرون. { فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ } أي يئسون. وقال بعضهم: ما ذكروا به من أمر الله { أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً } أي بغت القومَ أمرُ الله. وقلّ مَا أخذ الله قوماً قط إلا عند سلوتهم وغبطتهم. قال: { فَقُطِعَ دَابِرُ القَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا } أي القوم الذين أشركوا { وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ }. وهي مثل الآية التي في الأعراف:{ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ } أي القحط{ الحَسَنَةَ } أي الرخاء{ حَتَّى عَفَوْا } أي حتى كثروا{ وَّقَالُوا قَدْ مَسَّ ءَابَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ } فلم يكن شيء. قال الله:{ فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } [الأعراف:94-95].