الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } * { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِن ٱسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي ٱلأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي ٱلسَّمَآءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْجَٰهِلِينَ } * { إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَٱلْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ }

قوله: { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ } أي إنك ساحر وإنك شاعر، وإنك كاهن وإنك مجنون { وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ } يعني المشركون { بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ } أي يكذّبون.

وقال الكلبي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تظاهرت عليه قريش بالتكذيب شقَّ عليه ذلك وحزن، فأخبره الله أنهم لا يكذبونك وقد عرفوا أنك صادق، { وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ }. وهي مثل قوله:وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُفْسِدِينَ } [النمل:14].

قوله: { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ } أي سينصرك الله ويظهر دينك كما نصر الرسل الذين كُذِّبوا من قبلك { وَلَقَدْ جَاءَكَ مِن نَّبَإِىْ المُرْسَلِينَ } أي من أخبار المرسلين أنهم قد نصروا بعد الأذى وبعد الشدائد. قال [في آية أخرى]: { وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ } قال الله:أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ } [البقرة:214]. فأتاهم الله بنصره.

قوله: { وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ } عنك وتكذيبهم إياك { فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ } أي سرَباً فتدخل فيه { أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ } أي إلى السماء فترقى إليها { فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ } وهذا حين سألوه الآية. قال: { وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الجَاهِلِينَ } كقوله:وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لأَمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً } [يونس:99].

قوله: { إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ }. قال الحسن: إنما يستجيب لك الذين يسمعون الحجة فيؤمنون. كقوله:إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ } [يس:11]. قال بعضهم: المؤمن حيّ؛ حيّ القلب، حيّ النظرة، سمع كتاب الله فعقله.

قال: { وَالمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللهُ } قال الحسن: يعني بالموتى المشركين الصمّ، بعثهم الله، يعني كل من منّ الله عليهم بالإِيمان ممن كان على الشرك؛ يبعثهم الله، أي يحييهم من شركهم حتى يؤمنوا { ثُمَّ إلَيْهِ يُرْجَعُونَ } يوم القيامة.

وقال مجاهد: الذين يسمعون هم المؤمنون [يسمعون الذكر] والموتى هم الكفار، حتى يبعثهم الله مع الموتى [أي مع الكفار].