الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلْحَرْثِ وَٱلأَنْعَٰمِ نَصِيباً فَقَالُواْ هَـٰذَا للَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـٰذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَىٰ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ للَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَآئِهِمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ }

قوله: { وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ } [أي مما خلق] { مِنَ الحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ }.

كان هذا في الجاهلية. كانوا قد جعلوا من أنعامهم وحروثهم جزءاً لله وجزءاً لآلهتهم؛ فكانوا يحرثون الحرث فيخطون فيه خطاً فيقولون: ما دون هذا الخط لآلهتنا، وما وراءه فهو لله. ثم يبذرون البذر، فإن سقط فيما سموا لله شيء من البذر [الذي] جعلوه لآلهتهم لقطوه فردوه إلى ما جعلوا لآلهتهم تعظيماً لآلهتهم، وإن سقط من البذر شيء في ما سموا لآلهتهم من الذي جعلوه لله تركوه. ويرسلون الماء في الذي سمّوا لله؛ فإن انفجر في الذي سمّوا لآلهتهم قالوا: أقِرّوه فإن هذا فقير إليه، وإن انفجر في الذي خطّوه لله سدّوه. وهذا في تفسر الكلبي.

وفي تفسير الحسن: إذا حسن الزرع جعلوه لآلهتهم إن كان هو الذي جعلوه لآلهتهم. فهو لها عندهم وإن كان هو الذي جعلوه لله أحسن جعلوه لآلهتهم، ولا يجعلون لله مما جعلوا لآلهتهم، إذا حسُن، شيئاً. وأما في الأنعام فإذا اختلط مما جعلوا لله شيء فيما جعلوه لآلهتهم تركوه ولا يُمَيَّز. فإذا اختلط مما جعلوا لآلهتهم فيما جعلوا لله ردّوه في الذي جعلوه لآلهتهم. وإذا ذبحوا شيئاً لآلهتهم ذبحوه في وطاء فاستقر الدم مكانه، وإذا ذبحوه لله ذبحوه على مشرف فيسيل الدم إلى المكان الذي ذبحوا لآلهتهم. قال الله: { سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ }.

وقال بعضهم: عمد ناس من أهل الضلالة فجزأوا من حروثهم ومواشيهم جزءاً لله وجزءاً لشركائهم؛ فكانوا إذا خالط شيء مما جزأوا لله شيئاً مما جزأوا لشركائهم تركوه، وإذا خالط شيء مما جزأوا لشركائهم شيئاً مما جزأوا لله ردّوه إلى شركائهم. وإذا أصابتهم سَنَة استعانوا بما جزّأوا لله ووفّروا ما جزأوا لشركائهم. قال الله: { أَلاَ سَاءَ } أي بئس ما { يَحْكُمُونَ }.

[وقال مجاهد]: كانوا يسمّون لله جزءاً من الحرث ولأوثانهم جزءاً فما ذهبت به الريح مما سموا لله إلى جزء أوثانهم تركوه، وقالوا: الله غني عن هذا، وما ذهبت به الريح من جزء أوثانهم إلى ما سمّوا لله ردّوه إلى جزء أوثانهم.