{ ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ } أي: لم يبعث إليهم رسولاً، يعني من أهلك من الأمم السالفة حين كذبوا رسلهم. يقول: لم أكن لأهلكهم حتى أبعث فيهم رسولاً احتج به عليهم، ولم أكن لأظلمهم فأعذبهم قبل مبعث الرسل والاحتجاج بالكتب. قوله: { وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا } أي: على قدر أعمالهم. قال الله في أهل النار{ جَزَاءً وِفَاقاً } [النبأ:26] أي وافق أعمالهم الخبيثة. وقال في أهل الجنة:{ جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَاءً حِسَاباً } [النبأ:36] أي على قدر أعمالهم. ذكر بعض الفقهاء قال: يقول الله: ادخلوا الجنة برحمتي واقتسموها بأعمالكم. قوله: { وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ }. قوله: { وَرَبُّكَ الغَنِيُّ } أي عن خلقه وعن عبادتهم { ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ } أي بعذاب الاستئصال، يعني المشركين { وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُم } أي كما خلقكم { مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ ءَاخَرِينَ }. قوله: { إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لأَتٍ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ } أي ما أنتم بالذين يعجزون الله فتسبقونه حتى لا يقدر عليكم. قوله: { قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ } وهذا وعيد، أي إعملوا على ناحيتكم، أي على كفركم، { إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ } أي دار الآخرة، وعاقبتها الجنة، أي فستعلمون يوم القيامة أنَّا أهل الجنة وأنكم أهل النار. { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ } أي المشركون، وهو ظلم فوق ظلم، وظلم دون ظلم. وقد تحمل الآية على جميع الظالمين من المشركين وغيرهم، وقد تكون الآية خاصة ثم تعمّ.