قال: { ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } أي حفيظ لأعمال العباد. قوله: { لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ } أي اللطيف بخلقه فيما أعطاهم، الخبير بأعمالهم. قوله: { قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ } أي القرآن { فَمَنْ أَبْصَرَ } أي اهتدى { فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ } أي عن الهدى { فَعَلَيْهَا } أي فعلى نفسه { وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ } أي أحفظ أعمالكم حتى أجازيكم بها. قوله: { وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ } وهي تقرأ على أربعة أوجه: درَسْتَ وَدَارَسْتَ وَدُرِسَت وَدَرَسَت. ذكروا عن ابن عباس قال: درستَ أي: قرأتَ وتعلّمتَ. وقال مجاهد مثل ذلك. وبعضهم يقول: دارستَ، أي: قارأت أهل الكتابين. ومن قرأ: دُرِسَت فهو يقول: قُرِئت: ومقرأ الحسن: دَرَسَتْ، أي: قد دَرَست وذهبت مع كذب الأولين وباطلهم. قال: { وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }. قوله: { اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ } أي ادعهم إلى لا إله إلا هو والعمل بفرائضه. { وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ }. وقد نسخها القتال. قوله: { وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكُوا } وهو كقوله: { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً } { وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً } أي: لأعمالهم حتى تجازيهم بها. { وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ }. قوله: { وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ }. وهي تقرأ على وجهين: عَدْواً وَعُدُوّاً. وهو من العدوان، والعدوان الظلم. قال الحسن: كان المسلمون يسبون آلهة المشركين، أي أوثانهم، فإذا سبّوها سبَّ المشركون الله. وقال بعضهم: كان المسلمون يسبّون أوثان الكفّار فيردون عليهم، فنهاهم الله أن يستسبّوا لربهم قوماً جهلة لا علم لهم بربهم. وقال الكلبي: قال المشركون: والله لينتهين محمد عن سبّ آلهتنا أو لنسبَّنَّ ربه، فنزلت هذه الآية. { كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ } وهي مثل قوله:{ إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ } [النمل:4] { ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } أي في الدنيا.