الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا ٱللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ فَسَاداً وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَٰهُمْ جَنَّٰتِ ٱلنَّعِيمِ } * { وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيهِمْ مِّن رَّبِّهِمْ لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَآءَ مَا يَعْمَلُونَ }

قوله: { وَقَالَتِ اليَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ }. قال بعضهم: قالوا: بخيل غير جواد، لِمَ يستقرضنا؟ قال الكلبي: كانوا من أخصب الناس وأكثرهم خيراً، فلما عصوا الله وبدّلوا نعمة الله كفراً كَفَّ الله عنهم بعض الذي كان بسط لهم، فعند ذلك قالت اليهود: كفّ الله يده عنا، فهي مغلولة. ولم يقولوا: مغلولة إلى عنقه، ولكن قالوا عن قول الله للنبي عليه السلام: { وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ } أي فلا تنفق شيئاًوَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ البَسْطِ } [الإِسراء:29]، وذلك أن ينفق في معصية الله. قال الكلبي: وكذلك قالت اليهود: { يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ } فلا يبسطها علينا بشيء.

وقال مجاهد: قالوا: لقد تحمّدنا الله بقوله: يا بني إسرائيل، حتى جعل يده إلى نحره وكذبوا.

قوله: { غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا } قال الحسن: غلّت أيديهم في النار.

قوله: { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ } أي جواد، مبسوطتان، أي: بالنفقة ينفق كيف يشاء، وهو مثل قوله:يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ } [الرعد:26].

قوله: { وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً } وهم اليهود من بعد ما تبيّن لهم فكفروا به. وقال بعضهم: حملهم حسد محمد والعرب على أن كفروا به وهم يجدونه مكتوباً عندهم.

قال: { وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ } يعني اليهود والنصارى. { كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ } قال الحسن ومجاهد: { لِّلْحَرْبِ } يعني حرب محمد. قال الحسن: فأذلَّهم الله ونصره عليهم.

قال الكلبي: كلما مكروا مكراً أطفأ الله نار مكرهم. وقال بعضهم: أولئك اليهود، فلم تجد اليهود ببلد إلا وجدتهم أذلَّ أهله. لقد جاء الإِسلام حين جاء وهم تحت أيدي المجوس، أبغض خلق الله إليه، نقمة وتصغيراً لهم بأعمالهم، أعمال السوء.

قال: { وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللهُ لاَ يُحِبُّ المُفْسِدِينَ } يعني يدعون فيها إلى خلاف دين الله وهم يعلمون ذلك.

ثم قال: { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الكِتَابِ ءَامَنُوا وَاتَّقُوْا }. قال بعضهم: لو آمنوا بما أنزل الله واتقوا ما حرّم الله { لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ } { وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم } قال بعضهم: إذاً لأعطتهم السماء قطرها، أو قال: بركتها، والأرض نباتها.

وقال الحسن: لأوسعنا لهم في الرزق بهذا المطر. وهو قوله:وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ، [أي على الإيمان]، لأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقاً } [الجن:16] أي رَوَاء. وكقوله:فَقُلْتُ استْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَاراً } [نوح: 10-11]. وإقامتهم التوراة والإِنجيل أن يؤمنوا بمحمد وما جاء به، لأنهم قد أمروا بذلك في كتابهم.

قوله: { مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ } أي متَّبعة، يعني من آمن من أهل الكتاب برسول الله وبما جاء به. قال: { وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ } يعني من ثبت منهم على اليهودية والنصرانية.