قوله: { الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ } يعني بطعام الذين أوتوا الكتاب ذبائحهم. ذكروا عن الحسن أنه قيل له: إن النصارى إذا ذبحوا قالوا: باسم المسيح، قال: كلوا ذبائحهم، فإن الله قد أحل ذبائحهم وهو يعلم ما يقولون. ذكروا عن القاسم أنه قال: لو سمعت نصرانياً يذبح لجرجيس ولبولس ولكنائسهم لأكلتها. قوله: { وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ }. هذا مثل قوله:{ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ التِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ } [الأعراف:157] أي: ما كان شدد عليهم فيه من أمر السبت والشحوم وكل ذي ظفر، وكل ما كان حرم عليهم فليس يحرم على المسلمين شيء مما حرم عليهم من تلك الأشياء. قال الله:{ وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا } [الأنعام:155] أي اتّبعوا ما أحلّ فيه واتقوا ما حرّم فيه. فالخمر اليوم عليهم حرام، وكل ما حرّم الله على المسلمين فهو عليهم حرام. { وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ المُؤْمِنَاتِ وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ } والمحصنات هنا الحرائر، ولا يحل نكاح إماء أهل الكتاب، ويوطأن بملك اليمين. يقول الله:{ وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنْكِحَ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ المُؤْمِنَاتِ } [النساء:25]. ولا يتزوّج العبد المسلم الأمة اليهودية ولا النصرانية في قول الحسن: وبه نأخذ. قوله: { إذَا ءَاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } أي صداقهن. فإذا سمّاه لها فلا بأس بأن يدخل عليها قبل أن يعطيها شيئاً. قوله: { مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ }. قال مجاهد: ناكحين غير زانين، قال تزويجاً غيرَ زنى. { وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ } أي الخليل في السر، والخليلة في السر؛ يقول نكاحاً غير سفاح. والسفاح الزنا الظاهر. { وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ } غير متخذها خليلة، ولكن نكاحاً حلالاً. قوله: { وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ }. ذكر بعضهم أنه لما نزل تحليل نساء أهل الكتاب قال بعضهم: كيف نتزوّج نساء من غير أهل ديننا فأنزل الله: { وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ }. تفسير ذلك: ومن يكفر بتصديق تحليلهن فقد حبط عمله. قال مجاهد: { وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ }. أي: بالله.