الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُوا يَامُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ } * { قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمَا ٱدْخُلُواْ عَلَيْهِمُ ٱلْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوۤاْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } * { قَالُواْ يَامُوسَىۤ إِنَّا لَنْ نَّدْخُلَهَآ أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاۤ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } * { قَالَ رَبِّ إِنِّي لاۤ أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَٱفْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ } * { قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي ٱلأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ }

{ قَالُوا } لموسىعليه السلام { يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ. قَالَ رَجُلاَنِ } أحدهما يوشع بن نون والآخر كالب، وهما اللذان قال الله فيهما { مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا } بمخافتهما الله: نحن أعلم بالقوم من هؤلاء، إن القوم قد ملئوا منا رعباً. { ادْخُلُوا عَلَيِْهِمُ البَابَ } قال مجاهد: باب مدينة الجبارين { فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }.

قال الكلبي: قالوا: يا موسى أيُكذّب منا عشرة ويُصَدّق اثنان؟ { قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ }. وكان موسى صلى الله عليه وسلم وعلى جميع الأنبياء حديداً فـ { قَالَ رَبِّ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي } أي: وأخي لا يملك إلا نفسه { فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ القَوْمِ الفَاسِقِينَ } يعني قومه.

{ قَالَ } الله لموسى: إذ سميتهم فاسقين: { فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ } أي فلا تحزن { عَلَى الْقَوْمِ الفَاسِقِينَ } فتاهوا أربعين سنة.

قال الكلبي: لما قالوا { إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً } قال الله: فإنها محرمة عليهم أبداً، مع ذلك يتيهون في الأرض أربعين سنة. قال: فلم يدخلها أحد ممن كان مع موسى؛ هلكوا أجمعون في التيه إلا رجلين: يوشع بن نون وكالوب، وأنزل الله عليهم في تلك الأربعين سنة المن والسلوى وثياباً لا تخرق ولا تدنس، تشبّ مع الصغير، وخِفافاً لا تخرق، فكان لهم ذلك في تيههم حى دخلوا أَريحاً مع يوشع بن نون بعد وفاة موسى صلى الله عليه وسلم وعلى جميع الأنبياء.

وقال بعضهم: ذكر لنا أن يوشع بن نون وكالوب بعثوا اثني عشر رجلاً من كل سبط رجلاً عيوناً لهم ليأتوهم بأمر القوم. فأما عشرة فجنبوا وكرهوا الدخول إليهم. وأما يوشع وصاحبه فأمرا بالدخول فاستقاما على أمر الله ورغبا قومهما في ذلك. وقال بعضهم: جبن القوم عن عدوهم وتركوا أمر ربهم. قال الله: { فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً } ، إنما يشربون ماء الآبار، لا يهبطون قرية ولا مصراً، لا يهتدون لها ولا يقدرون على ذلك.

{ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ }. قال بعضهم: ذكر لنا أنه كان فيها قوم لهم أجسام وَخَلق منكر. قوله: { وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا } ، أي حتى يخرج الجبارون منها، { فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ. قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ البَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ } ، أي فإذا دخلتم باب مدينة الجبارين فإنكم غالبون. { وَعَلَى اللهِ فتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ. قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ }.

السابقالتالي
2